.................................................................................................
______________________________________________________
وهذا الذي ذكره ابن هشام يحقق ما قلته أولا في البحث المتقدم آنفا.
ثم قال ابن هشام : ومذهب سيبويه أن ما دخل على الجملة مما شأنه وأصله أن يدخل على المفرد فالجملة تبقى معه على حالها حكاية ، لأنها بجملتها تنزلت منزلة المفرد فالاسم منها والفعل أحد جزئيها فينزل منزلة بعض الكلمة والعامل لا يعمل في بعض الكلمة ، فبقيت على إعرابها حكاية والذي ليس من شأنه أن يدخل على مفرد مثل كان وأخواتها ، وإنّ وأخواتها وظننت وأخواتها يصير مثل الفعل الداخل على اثنين ، فما كان فعلا يجري مجرى الأفعال لأجل التشبيه وما كان غير فعل عمل بالتشبيه ، لو لم يعمل بحكم أصله ، هذا مذهب سيبويه والنحويين المتقدمين (١) قال : وقد رأينا العامل اللفظي يزيل الابتداء نحو : زيد قام إذا قدمت الاسم رفعت الاسم به ولم تشغله بضميره كما تعمل إذا تأخر ، وكذلك ما يدخل عليه طالبا له من جهة والخبر مع جهة تخلع الابتداء وتستأثر بالعمل ، لأنه أقوى منه ، وإذا عملت الحروف نحو : إنّ وأخواتها وما ولا ، ولات في هذه الجملة بما أدت معانيها فيها ، فالفعل أولى بالعمل وأوجب أن لا يجوز فيها غير ذلك انتهى (٢) كلام ابن هشام ، وهو كلام سديد تركن إليه النفس وتقبله.
ومنها : أنك قد عرفت من كلام المصنف في متن الكتاب وتقريره في الشرح ـ أن حذف المفعولين في هذا الباب ، وحذف أحدهما لا يجوز إلا لدليل وأما من غير دليل فلا يجوز والحذف لدليل هو حذف الاختصار والحذف لا لدليل هو حذف الاقتصار ، وحذف المفعولين اختصارا مجمع على جوازه ومنه :
١٠٩٣ ـ بأيّ كتاب أم بأيّ سنّة |
|
... البيت (٣) |
أي وتحسب حبّهم عارا عليّ.
وأما حذفهما اقتصارا فذكر ابن عصفور فيه ثلاثة مذاهب :
قال : منهم من منع وهو الأخفش ومنهم من أخذ بمذهبه ومنهم من أجاز وعليه أكثر النحويين. ـ
__________________
(١) ينظر الكتاب : (١ / ١٢٢ ، ١٢٣) ، (٣ / ١١٩ ـ ١٢٠).
(٢) التذييل (٢ / ٩٣٨).
(٣) تقدم.