.................................................................................................
______________________________________________________
ومنها : أنا نستفيد من قول المصنف : بوجه ما في قوله : وموقع «لكن» بين متنافيين ـ أن الكلام الواقع قبل «لكن» يكون نقيضا لما بعدها نحو : ما هذا ساكن لكنّه متحرك ، ويكون ضدّا له نحو : ما هذا أسود ولكنه أبيض ويكون خلافا له نحو : ما هذا قائم لكنه شارب ، ولا يجوز أن يكون الذي قبلها موافقا لما بعدها نحو : ما زيد قائم لكن عمرا قائم ، فهذا لا يجوز إجماعا (١). وقد ذكر الشيخ أن في وقوعها بين الخلافين خلافا.
ومنها : أنه قد تقدم من كلام المصنف في هذه الحروف إذا وليها ما فيه غنية ، غير أن أبا الحسن بن عصفور قال :
إن فيها للنحاة ثلاثة مذاهب :
أحدها : أنه يجوز في جمعها الإلغاء والإعمال وهو مذهب الزجاجي.
الثاني : أنه يجوز : في «ليت» و «لعل» و «كأن» الإلغاء والإعمال ، ولا يجوز فيما عداها إلا الإلغاء وهو مذهب ابن السراج وأبي إسحق (٢).
الثالث : أن «ليت» وحدها يجوز فيها الأمران ، وما عداها لا يجوز فيه إلا الإلغاء وهو مذهب الأخفش وذلك أنه لم يسمع الإلغاء والإعمال إلا في «ليت (٣)».
ثم إنه نصر مذهب الأخفش بالسماع ، يعني : أنه لم يرد الإعمال إلا في ليت ، وبالقياس وذلك أن الحروف غير «ليت» يزول اختصاصها باتصال «ما» بها ، قال الله تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)(٤) ، (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً)(٥) ، (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ)(٦).
وأما «لكنما» فقد قال الشاعر :
__________________
(١) ينظر رصف المباني للمالقي (٢٧٦) ، والمغني (١ / ٢٩٠).
(٢) في (ب) (وأبي الحسن) والصواب ما أثبته من (أ).
(٣) شرح الجمل لابن عصفور (١ / ٤٣٣ ـ ٤٣٤).
(٤) سورة فاطر : ٢٨.
(٥) سورة المؤمنون : ١١٥.
(٦) سورة الأنفال : ٦.