.................................................................................................
______________________________________________________
والإلغاء (١). قلت : من رفع جعل «ما» كافة «لليت» كما كفت «إن» «ما» الحجازية ، ومن نصب جعلها زائدة غير معتد بها كما لم يعتد بها بين حرف الجر والمجرور به في نحو : (عَمَّا قَلِيلٍ)(٢) ، و (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ)(٣).
وأجاز سيبويه كون «ليت» في بيت النابغة عاملة على رواية الرفع ، وذلك بأن تجعل «ما» موصولة أو نكرة موصوفة ، والتقدير : ليتما هو هذا الحمام لنا ، «فما» اسم «ليت» وهو مبتدأ محذوف وخبره هذا ، والجملة صلة «ما» أو صفتها ، فليت بهذا التوجيه عاملة في الروايتين (٤) ، وهي حقيقة بذلك لأن اتصال «ما» بها لم يزل اختصاصها [٢ / ١٢٣] بالأسماء بخلاف أخواتها ، فإن اتصال ما بها أزال اختصاصها بالأسماء ، فاستحقت «ليتما» بقاء العمل دون «إنما» و «كأنّما» و «لكنّما» و «لعلّما» ، وهذا هو مذهب سيبويه (٥).
وأجرى ابن السراج غير «ليتما» مجراها قياسا (٦) وذكر ابن برهان أن أبا الحسن الأخفش روى عن العرب : إنما زيدا قائم ، فأعمل مع زيادة «ما» وعزا مثل ذلك إلى الكسائي عن العرب (٧) ، وهذا الفعل الذي ذكره ابن برهان رحمهالله تعالى من إجراء عوامل هذا الباب على سنن واحد قياسا وإن لم يثبت سماع في إعمال جميعها ، وبقوله أقول في هذه المسألة. ومن أجل ذلك قلت : والقياس سائغ.
انتهى (٨) كلام المصنف رحمهالله تعالى ، وهو في غاية النظافة كعادته ، غير أن الجواب الذي ذكره عن شبهة أبي علي الفارسي لم أتحققه ، ثم لا بد من تنبيهات :
منها : أن ابن عصفور لم يوافق المصنف على ثبوت «إنّ» بمعنى «نعم» بل قال : الأولى عندي أن يقال : إن الاسم والخبر محذوفان ، لأنه قد تقرر أن «إنّ» تنصب الاسم وترفع الخبر ولم يستقر فيها أن تكون بمعنى «نعم» (٩) ونظّر حذف ـ
__________________
(١) شرح اللمع لابن برهان (٦٨).
(٢) سورة المؤمنون : ٤٠.
(٣) سورة آل عمران : ١٥٩. وفي (ب) (بما رحمة).
(٤) يقول سيبويه في الكتاب بعد أن ذكر بيت النابغة : «فرفعه على وجهين : على أن يكون بمنزلة قول من قال : (مثلا ما بعوضة). أو يكون بمنزلة قوله إنما زيد منطلق». اه. الكتاب (٢ / ١٣٨).
(٥) ينظر الكتاب (٢ / ١٣٧ ـ ١٣٨).
(٦) ينظر الأصول لابن السراج (١ / ٢٨١).
(٧) شرح اللمع لابن برهان (٦٧).
(٨) شرح التسهيل للمصنف (٢ / ٣٨) ، تحقيق د / عبد الرحمن السيد ود / بدوي المختون.
(٩) شرح الجمل لابن عصفور (١ / ٤٤٤ ـ ٤٤٥) ط. العراق.