.................................................................................................
______________________________________________________
إن زيدا لأضرب ، لأن تأويله ما زيد إلا أضرب ، وهذا خطأ في اللام ، و «إلا».
هذا نصه (١) ، وقد أقر بأن حمل القراءة على جعل «إن» نافية واللام بمعنى «إلا» خطأ ، ولا شك في صحة القراءة ، فإنها قراءة المدنيين والمكيين (٢) ، ولا توجيه لها إلا توجيه الكوفيين ، وتوجيه البصريين ، وتوجيه الكوفيين خطأ بشهادة الفراء ، فلم يبق إلا توجيه البصريين فتعين الحكم بصحته.
ويؤيد ما ذهب إليه البصريون قول سيبويه : وحدثنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول : إن عمرا لمنطلق (٣) ، وهذا نص لا احتمال فيه ، وقال الأخفش : وزعموا أن بعضهم يقول : إن زيدا لمنطلق وهي مثل (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ)(٤) ، يقرأ بالنصب والرفع (٥).
وأما قولهم : إن اللام بمعنى «إلا» فدعوى بلا دليل ولو كانت بمعنى «إلا» لكان استعمالها بعد غير «إن» من حروف النفي أولى ، لأنها أنصّ على النفي من «إن» فكان يقال : لم يقم لزيد ، ولن يقعد لعمرو بمعنى : لم يقم إلّا زيد ولن يقعد إلّا عمرو وفي عدم استعمال ذلك دليل على أن اللام لم يقصد بها إيجاب ، وإنما قصد بها التوكيد كما قصد مع التشديد (٦) ، وزعم أبو علي الفارسي أن اللام التي بعد المخففة غير التي بعد المشددة واستدل بأن ما بعد هذه ينتصب بما قبلها من الأفعال نحو (إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ)(٧) ، (وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ)(٨) ، وكقول امرأة الزبير رضياللهعنها (٩) :
٩٩٤ ـ هبلتك أمّك إن قتلت لمسلما (١٠)
__________________
(١) معاني القرآن للفراء (٢ / ٢٩ ـ ٣٠).
(٢) لأنها قراءة نافع وابن كثير. ينظر الإتحاف (٢٦٠) ، وشرح طيبة النشر (٣١٧).
(٣) الكتاب (٢ / ١٤٠).
(٤) سورة الطارق : ٤.
(٥) معاني القرآن للأخفش (١ / ٨٣) ، رسالة بجامعة القاهرة.
(٦) رد الرضي رأي البصريين في هذه المسألة وهو الذي عليه المصنف هنا ، فقال : ولا يلزم ما قالوه إذ ربما اختص بعض الأشياء ببعض المواقع كاختصاص «لما» بالاستثناء بعد النفي. اه. شرح الرضي (٢ / ٣٥٩).
(٧) سورة يونس : ٢٩.
(٨) سورة الأعراف : ١٠٢.
(٩) هي عاتكة امرأة الزبير رضياللهعنهما قالته في رثاء زوجها.
(١٠) صدر بيت من الكامل وعجزه :
حلّت عليك عقوبة المتعمد