قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد [ ج ٣ ]

شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد [ ج ٣ ]

221/504
*

.................................................................................................

______________________________________________________

منفي إذا صحبها حرف نفي وثابت إذا لم يصحبها ، فإذا قال قائل كاد زيد يبكي فمعناه قارب زيد البكاء فالمقاربة ثابته والبكاء منتف فإذا قال : لم يكد يبكي ، فمعناه لم يقارب البكاء ، فمقاربة البكاء منفية ، ونفس البكاء منتف انتقاء أبعد من انتقائه عند ثبوت المقاربة (١) ، ولهذا كان قول ذي الرمة :

٨٩٩ ـ إذا غيّر النّأي المحبّين لم يكد

رسيس الهوى من حبّ ميّة يبرح (٢)

صحيحا بليغا ؛ لأن معناه : إذا تغير حب كل محب لم يقارب حبي التغير ، وإذا لم يقاربه فهو بعيد منه ، فهذا أبلغ من أن يقول : لم يبرح ، لأنه قد يكون غير بارح وهو قريب من البراح بخلاف المخبر عنه بنفي مقاربة البراح ، وكذا قوله تعالى : (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها)(٣) هو أبلغ في نفي الرؤية من أن يقال. لم يرها ، لأن من لم ير ، قد قارب الرؤية بخلاف من لم ير ولم يقارب (٤) ، وأما قوله تعالى :(فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ)(٥) فكلام يتضمن كلامين مضمون كل واحد ـ

__________________

(١) ينظر الإيضاح شرح المفصل لابن الحاجب (٧١٧) ، حيث ذكر صاحبه فساد مذهب القائلين بأن «كاد» إثباتها نفي ونفيها إثبات.

(٢) البيت من الطويل وهو في التذييل (٤ / ٣٦٨) ، والإيضاح لابن الحاجب (٧١٧) ، وابن يعيش (٧ / ١٢٤ ، ١٢٥) ، وشرح التسهيل للمرادي (١ / ٤١٢) ، وشواهد التوضيح (٨٠) ، وتعليق الفرائد (١٠٥٦) ، والخزانة (٤ / ٧٤) ، والعيني (٣ / ٣٧٨) ، ودلائل الإعجاز (١٨٢) ، والشواهد في النحو العربي (٣١٩) ، وحاشية الخضري (١ / ١٢٥) ، والأشموني (١ / ٢٦٨) ، وشرح الرضي (٢ / ٣٠٢) ، وديوانه (٨٦) ، واللسان (رسس). ويروى أيضا برواية : إذا غير الهجر مكان (النأي) ، (لم أجد) مكان (لم يكد).

اللغة : الرسيس : الخفي والكلام الخفي.

والشاهد قوله : «لم يكد رسيس .. يبرح» فإنه يدل على أن رسيس الهوى قد فارقه.

(٣) سورة النور : ٤٠.

(٤) في شرح المفصل لابن يعيش (٧ / ١٢٤) ، «واضطربت آراء الجماعة في هذه الآية فمنهم من نظر إلى المعنى وأعرض عن اللفظ وذلك أنه حمل الكلام على نفي المقاربة لأن «كاد» معناها قارب ، فصار التقدير : لم يقارب رؤيتها وهو اختيار الزمخشري ومنهم من قال : التقدير لم يرها ولم يكد وهو ضعيف لأن لم يكد إن كانت على بابها فقد نقض أول كلامه بآخره وذلك أن قوله : لم يرها لم يتضمن نفي الرؤية ولم «يكد» فيه دليل على حصول الرؤية وهما متناقضان ، منهم من قال إن «يكد» زائدة والمراد ولم يرها وعليه أكثر الكوفيين. اه. وينظر الصاحبي (٢٤٥).

(٥) سورة البقرة : ٧١.