هارون ، ومجالس ثعلب / ٤١٧ ، واللسان «نسأ»].
(٥٠٦) حلفت بمائرات حول عوض |
|
وأنصاب تركن لدى السّعير |
أجوب الأرض دهرا إثر عمرو |
|
ولا يلفى بساحته بعيري |
البيتان للشاعر رشيد بن رميض العنزي ، شاعر مخضرم ، وقوله : بمائرات ، أي : بدماء مائرات ، ومار الدم : إذا جرى على وجه الأرض ، و «عوض» اسم صنم. والأنصاب : حجارة كانوا يطوفون حولها. وتركن : مبني للمجهول ، وسعير : وزن زبير ، صنم كان لعنزة ، وجواب القسم ، أجوب في البيت الثاني ، وحذف منه «لا» النافية ، أي : لا أجوب ، كقوله تعالى : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) [يوسف : ٨٥] والبيت الأول شاهد على أن «عوض» اسم صنم ، معرب. [شرح أبيات المغني / ٣ / ٣٣٠].
(٥٠٧) جئني بمثل بني بدر لقومهم |
|
أو مثل أسرة منظور بن سيّار |
البيت لجرير ، يخاطب الفرزدق مفتخرا عليه بسادات قيس لأنهم من أخواله ، وبنو بدر من فزارة ، وهم بيت فزارة وعددهم ، ومنظور بن زبان بن سيّار : من فزارة أيضا وسوف تعرف المزيد عنه في آخر هذا الشرح ، وأسرة الرجل : رهطه الأدنون ، لأنه يتقوى بهم من الأسر ، وهو الشدّ ، والشاهد : (مثل) حيث نصب بفعل من معنى جئني فكأنه قال : هات مثل ، حملا على معنى «جئني» التي هي بمنزلة «هاتني» ولا يصحّ نصبه بلفظ «جئني» مقدر ، وإلا كان مجرورا بتقدير «بمثل». [سيبويه / ١ / ٩٤ ، هارون].
قال أبو أحمد : إن جريرا والفرزدق لم ينتفع الناس من شعرهم إلا ما نقلاه من اللغة الصحيحة من عصر الاستشهاد ، أما مضمون شعرهما فلا يطرب له الإنسان إلا ما ندر ، فليس في شعرهما من المعاني إلا الفخر الكاذب ، والهجاء المذموم ، والمدح الملصق بمن لا يستحقّه ، ومثال الفخر «الفخّاري» ما في هذا البيت ، فجرير يفخر بمن لا يمتّ إليه بصلة ، إلا في الجدّ المئوي ، ولو كان الفخر كما في فخر جرير لجاز لكل الناس أن يفخروا بكل الناس ، لأن الناس جميعا يلتقون في جذور بعيدة ، ومنظور بن سيّار الذي يفخر به جرير ، لا يستحق أن يفخر به ، لأن المذكور ، تزوج امرأة أبيه في الإسلام بعد أن حرّم القرآن هذا الزواج ، وقد أرسل إليه رسول الله من يقتله ، فلم يظفر به ، وبحث عنه أبو بكر فلم يقع عليه ، إلى أن جاء زمن عمر ، فاستقدمه وفرّق بينهما ، ومع ذلك بقي قلبه معلقا بها وقال في ذلك :