أما البيت الثاني فقد استشهد به سيبويه رحمهالله ، يقول الشاعر : هوّن عليك الأمور ، ولا تحزن لشيء يفوتك من الدنيا ، فما أراد الله أن يرزقك إياه فهو آتيك لا يدفعه عنك دافع ، وما منعك من أن تناله ، لا يمكّن أحدا أن ينيلك إياه ، فما لحزنك وجه ، وقوله : ولا قاصر عنك ، أي : مقصّر أن يبلغك ويأتيك ، وفي قوله : قاصر عنك وجوه ثلاثة :
الأول : الرفع بالابتداء ، ومأمورها : فاعل سدّ مسدّ الخبر ، والجملة معطوفة.
الثاني : النصب : عطفا على موضع بآتيك ، وتعطف «مأمورها» على اسم ليس.
الثالث : الجرّ. [سيبويه / ١ / ٣٢ ، والهمع / ٢ / ٢٩ و ١ / ١٢٨ ، وشرح أبيات المغني / ٣ / ٢٦٩].
(٢٧٥) فمن يك لم يثأر بأعراض قومه |
|
فإني وربّ الراقصات لأثأرا |
البيت للنابغة الجعدي ، يقول : إن وجد من لم ينتصر لأعراض قومه بالهجاء فقد انتصرت وأدركت الثأر بذلك لهم. والراقصات : الإبل تمشي الرقص في سيرها ، وهو ضرب من الخبب ، وأراد سيرها في الحج ، فذكر هذا تعظيما لها في تلك الحال.
والشاهد : لأثأرا ، فهو مؤكد بالنون الخفيفة المبدلة ألفا. [سيبويه / ٢ / ١٥١ ، وشرح المفصل / ٤ / ٣٣٦ و ٩ / ٣٩ ، والأشموني / ٣ / ٢١٥ ، وديوان الشاعر].
(٢٧٦) أو معبر الظّهر ينبي عن وليّته |
|
ما حجّ ربّه في الدنيا ولا اعتمرا |
البيت في كتاب سيبويه منسوب لرجل من باهلة ، ومعبر الظهر ، أي : بعير ، والظهر المعبر : الكثير الوبر ، والولية : البرذعة ، وينبىء عن وليته : يجعلها تنبو عنه لسمنه ووفرة وبره ، يصف لصا يتمنى سرقة بعير لم يستعمله ربّه ، أي : صاحبه في سفر لحج أو عمرة ، فهو وداع ممتلىء.
والشاهد : «ربّه» قال سيبويه أصلها «ربهو» فأجروا ما يكون في الوصل على ما يكون في الوقف ، وتقرأ «ربّه» بضم الهاء بدون مدّ. [سيبويه / ١ / ١٢ ، والإنصاف / ٥١٦].
(٢٧٧) يعالج عاقرا أعيت عليه |
|
ليلقحها فينتجها حوارا |
في كتاب سيبويه ، وقال ابن أحمر ، يقوله لرجل يحاول مضرته وإذلاله فجعله في