.................................................................................................
______________________________________________________
لأن الفاء لم تباشر الخبر في نحو أما زيد فقائم لكونه خبرا ، وإنما الفاء واجب دخولها بعد أما على الإطلاق خبرا كان أو غير خبر ، ولو اعتبر دخول الفاء على الخبر بعد أما لاعتبر دخولها على المبتدأ بعدها أيضا في نحو أما قائم فزيد ، فكان يقال : ويجب دخول الفاء على المبتدأ عند تقدم أما وتأخر المبتدأ عما يليها ، وذلك لا يقال بخصوصية المبتدأ.
وحاصل الأمر : أنه لا بد من الفاء داخلة على ما يلي أمّا ، مبتدأ كان أو خبرا ، أو فعل أمر ونهي ، أو غير ذلك ، وإذا كان كذلك فلم يكن لذكر دخول الفاء على الخبر عند تقدم أما مناسبة ، وحينئذ لا يكون لدخول الفاء على الخبر سبب موجب (١).
الأمر الثاني : أنه أدرج في الموصول الذي يجوز دخول الفاء في خبره أل الموصولة ، وصدر بها الباب ، ومثّل لذلك بقوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(٢) وهذا الذي ذكره هنا مخالف لما ذكره في باب الاشتغال ، فإنه ذكر هناك حكما ، ومثل له ، ثم قال : وكقوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(٣).
وهذا الذي ذكره هنا مخالف تقدير سيبويه ؛ لأن تقديره عنده : وفيما يتلى عليكم السارق والسارقة (٤). ولو لا ذلك لكان النصب مختارا ؛ لأن الفعل المشتغل إذا كان أمرا أو نهيا يترجح النصب ، فلم يجعل : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ـ جملة واحدة ، بل جعل الكلام جملتين والفاء عاطفة ، وها هنا أعني في هذا الفصل جعل الكلام جملة واحدة ، والفاء رابطة كالفاء في جواب الشرط ، والمسألة فيها خلاف بين النحاة أعني دخول الفاء في خبر اسم الفاعل إذا كان صلة أل وكان ـ
__________________
(١) فيه تحامل من ناظر الجيش على ابن مالك ، إنما ذكر الرجل ما يخصه ، وهو دخول الفاء على الخبر لسبب ما ، وهو موضع الحديث ، وترك ما لا يخصه من الأمور المذكورة.
(٢) سورةالمائدة : ٣٨.
(٣) قال ابن مالك في باب الاشتغال : (شرح التسهيل : ٢ / ١٣٦ ، ١٣٧) : وملابس الضمير هو العامل فيه بإضافة نحو : أزيدا ضربت غلامه ، أو بغير إضافة نحو : أزيدا ضربت راغبا فيه. وقيد السابق بمفتقر لما بعده ؛ ليخرج المستغني عمّا بعده كزيد من قولك : في الدّار زيد فاضربه ، وكقوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) على تقدير سيبويه ، فإن تقديره عنده وفيما يتلى عليكم السّارق والسّارقة.
ولو لا ذلك لكان النصب مختارا ؛ لأن الفعل المشتغل إذا كان أمرا أو ونهيا ترجّح النّصب».
وعليه فقد جعل ابن مالك الآية في هذا الباب مما اقترن فيها الخبر بالفاء ، وفي باب الاشتغال جعل الخبر محذوفا ، وهو نقد ناظر الجيش.
(٤) انظر نص ذلك في : كتاب سيبويه (١ / ١٤٢) وما بعدها.