.................................................................................................
______________________________________________________
وذهب الأكثرون (١) إلى أن الضمير نقل من المحذوف إلى الموجود ، وأن الظرف في موضع الخبر ، وقد استدل على نقله بتأكيده في قول كثير :
٦٤٢ ـ فإن يك جثماني بأرض سواكم |
|
فإنّ فؤادي عندك الدّهر أجمع |
إذا قلت هذا حين أسلو ذكرتها |
|
فظلّت لها روحي تتوق وتنزع (٢) |
ووجه الدليل : أن أجمع يلي العوامل ، والتأكيد لا يكون لمحذوف. قالوا : ولو لا نقله لما امتنع : قائما في الدار زيد ؛ لأن الحال حينئذ تكون من فاعل ذلك المقدر ، وهو متصرف ؛ لأنه إما فعل أو اسم فاعل ، فوجب ألا يمتنع [١ / ٣٦٨] وفي امتناعه دليل على المقصود ، وأيضا لو لم ينقل لما عطف عليه في قوله :
٦٤٣ ـ [ألا يا نخلة من ذات عرق] |
|
عليك ورحمة الله السّلام (٣) |
ولا يمكن دعوى أن رحمة الله معطوف على السّلام ، وقدم لأنه يلزم منه تقديم ـ
__________________
(١) في شرح الكافية للرضي قال : «وذهب أبو علي ومن تابعه إلى أنّ الضّمير انتقل إلى الظّرف ؛ لأنه يؤكّد ويعطف عليه ، وينتصب عنه الحال». ثم ذكر أمثلة الشارح (شرح الكافية : ١ / ٩٣).
(٢) البيتان من بحر الطويل وهما في الغزل الرقيق العفيف ، واختلف في قائلهما ؛ لأنهما في ديوانين :
فقيل : لكثير عزة ، وانظر البيتين في ديوانه (ص ٤٠٤) وقيل : لجميل بثينة ، وانظر البيتين في ديوانه أيضا (ص ١١٨) إلا أن الثاني يروى في ديوان جميل هكذا :
إذا قلت هذا حين أسلو وأجتري |
|
على هجرها ظلّت لها النّفس تشفع |
الإعراب : بأرض سواكم : يروى بلا تنوين فيكون على الإضافة ويروى بالتنوين ، فيكون على الوصف ، وأصله : بأرض سوى أرضكم ، فحذف المضاف إلى ضمير المخاطبين. عندك : ظرف مكان يتعلق بمحذوف خبر إن. الدّهر : ظرف زمان منصوب. أجمع : توكيد للضمير المستتر الذي انتقل من الخبر إلى الظرف بعد حذفه ، ولا يصح أن يظل الضمير في العامل المحذوف ؛ لأن الحذف والتوكيد يتنافيان ، وهذا هو الشاهد.
والشاهد في التذييل والتكميل (٤ / ٥٥) وفي معجم الشواهد (ص ٢١٧).
(٣) البيت من بحر الوافر وهو للأحوص ـ وهي نسبة مشكوك فيها ـ في حواشي ديوانه (ص ١٩٠) قيل : إنه مطلع القصيدة التي منها هذا البيت المشهور :
سلام الله يا مطر عليها |
|
وليس عليك يا مطر السّلام |
وسبب إنشائه هذه القصيدة : أن مطرا هذا كان متزوجا بامرأة وكانت تبغضه ، وكان الأحوص يهواها ، والمقصود بقوله : يا نخلة هنا هي المرأة التي يتغزل فيها. وذات عرق : موضع بالحجاز.
والشاهد في قوله : عليك ورحمة الله : حيث عطف على الضمير المستتر المستكن في الظرف الذي انتقل إليه بعد حذف عامله ، وفي البيت شواهد أخرى وكلام آخر غير ذلك. انظر : الهمع (١ / ١٧٣ ، ٢٢٠) ـ (٢ / ١٣٠ ، ١٤٠) والبيت في معجم الشواهد (ص ٣٥٠).