.................................................................................................
______________________________________________________
فبنونا خبر مقدم ، وبنو أبنائنا مبتدأ مؤخر ؛ لأن مراد القائل الإعلام بأن بني أبنائهم كبنيهم. فالمؤخر مشبه والمقدم مشبه به. لا يستقيم المعنى إلا بهذا التأويل. وعلى هذا يجوز في : زيد زهير شعرا ، وعمرو عنترة شجاعة ، وأبو يوسف أبو حنيفة فقها ـ تقديم زهير وعنترة وأبي حنيفة وإن كانت أخبارا مشبها بها المبتدأ لوضوح المعنى.
والمسلم بأن الأعلى لا يشبه بالأدنى عند قصد الحقيقة ، وكذلك قول الشاعر :
٥٩٠ ـ جانيك من يجني عليك وقد |
|
تعدي الصّحاح مبارك الجرب (١) |
أي : كاسيك الذي تعود جنايته عليك ، فمن يجني مبتدأ لأن المعنى عليه.
ومن تقدم الخبر لوضوح المعنى مع مساواته المبتدأ في التنكير قوله صلىاللهعليهوسلم: «مسكين مسكين رجل لا زوج له» (٢).
واعلم أن هذا الذي قيده المصنف فيما إذا تساوى الخبر مع المبتدأ في تعريف أو تنكير ، وكان ثم قرينة تميز أحدهما من الآخر جاز التقديم ، وإن لم يكن ثم قرينة امتنع ، ولزم ذكر كل منهما في رتبته وهو الحق.
وقد وقع في كلام غيره ما يقتضي مخالفة ما ذكر في التسهيل ، فقال بعضهم : إذا تساويا في التعريف امتنع التقديم ، وأطلق القول بذلك ، ولم يقيده بما قيده المصنف (٣).
وقال آخر : يجوز تقديم الخبر [١ / ٣٣٤] مع المساواة وإن لم يكن ثم قرينة ، وقالوا :
الفائدة تحصل للمخاطب سواء قدمت الخبر أو أخرته حتى وقع الخلاف في قول الشاعر :
٥٩١ ـ وأنت الّتي حبّبت كلّ قصيرة |
|
إليّ وما تدري بذاك القصائر |
عنيت قصيرات الحجال ولم أرد |
|
قصار الخطا شرّ النّساء البحاتر (٤) |
__________________
واستشهد به أهل البيان في التشبيه المقلوب. وشاهده واضح من الشرح ، وانظر ما قلناه في الشاهد الذي قبله.
والبيت في شرح التسهيل (١ / ٢٩٧) والتذييل والتكميل (٣ / ٣٣٧) ومعجم الشواهد (ص ١١٥).
(١) البيت من بحر الكامل ، وهو من الحكم. قالت مراجعه : إنه لذؤيب بن كعب بن عمرو بن تميم قبله :
ولربّ مأخوذ بذنب عشيرة |
|
ونجا المقارف صاحب الذّنب |
وشاهده كالأبيات قبله.
والبيت في شرح التسهيل (١ / ٢٩٧). والتذييل والتكميل (٣ / ٣٣٧). وليس في معجم الشواهد.
(٢) لم أجده في كتب الأحاديث التي اطلعت عليها طويلا ، ولم أستطع تخريجه.
(٣) أي بوجود القرينة التي تجوز التقديم والتأخير.
(٤) البيتان من بحر الطويل ، وهما لكثير عزة كما جاء في ديوانه.