.................................................................................................
______________________________________________________
وقال الشيخ : «الحدّ الذي ذكره للعمدة مدخول ؛ لأن لنا من أجزاء الكلام ما يسوغ حذفه لدليل ولا يسمى عمدة ، ولنا من أجزاء الكلام ما لا يسوغ حذفه ، ولو كان عليه دليل ويسمى عمدة. فمثال الأول : الفعل ؛ فإنه يسوغ حذفه لدليل ولا يسمى عمدة ، ومثال الثاني : الفاعل والمفعول الذي لم يسمّ فاعله ؛ فإن كلّا منهما يسمى عمدة ، ولا يسوغ حذفه لدليل».
قال : «وكذا حدّ الفضلة يرد عليه بعض العمد الّذي يسوغ حذفه مطلقا.
فمن ذلك المبتدأ في قطع النّعت ، والخبر في نحو : لو لا زيد لأكرمتك» انتهى (١).
وفيما قاله نظر :
أما الدخل الذي ذكره على حد العمدة فلا يتجه.
أما الشق الأول : فغير لازم ؛ لأن الفعل إنما هو مقصود في مدلول إعراب الاسم.
فالعمدة المحدودة أحد أقسام الاسم فلا يرد الفعل.
وأما الشق الثاني : فلا يرد أيضا ؛ لأن كلّا من الفاعل والمفعول الذي لم يسمّ فاعله إنما امتنع حذفه لعارض ، وهو كونه يؤدي إلى بقاء حديث من غير محدّث عنه ؛ والمصنف إنما حد العمدة بالنظر إلى ذاتها لا بالنظر إلى ما يعرض لها ، وهذا شأن الحدود. وأما ما أورده على حد الفضلة فغير وارد ؛ لأن ما مثّل به (٢) إنما حذف دليل قام مقام اللفظ به ، فهو داخل في حد العمدة ولم يدخل في حد الفضلة ؛ لأنه ما ساغ حذفه مطلقا.
وإذا تقرر أن الاسم بحسب مدلول إعرابه إما عمدة أو فضلة أو بين العمدة والفضلة ، وقد علم أن أنواع إعرابه ثلاثة : رفع ونصب وجر ، فليعلم أن الرفع للعمدة والنصب للفضلة والجر لما بينهما.
وإنما كان كذلك لأن الاهتمام بالعمدة أشدّ من الاهتمام بغيره ، فجعل إعرابه الرفع ؛ لأن علامته الأصلية الضمة ، وهي أظهر الحركات ، وإنما قلنا إنها أظهر الحركات لوجهين (٣) : ـ
__________________
(١) التذييل والتكميل (٣ / ٢٤٢ ، ٢٤٣).
(٢) وهو المبتدأ عند قطع النعت والخبر بعد أسلوب لو لا. ومثال الأول : الحمد لله الحميد ، ومثال الثاني : لو لا زيد لأكرمتك.
(٣) انظر في ذلك : التذييل والتكميل (٣ / ٢٤٣).