.................................................................................................
______________________________________________________
إذا عرفت ذلك فالمصنف قد ذكر : أن أل إما للعهد وإما للجنس ، ثم شرع الآن في ذكر أنها للاستغراق. وذكر أن الاستغراق قسمان : حقيقي : وهو الذي يخلف أل فيه كلّ حقيقة ، ومجازي : وهو الذي يخلفها فيه كل مجازا ، فإذا كان الاستغراق حقيقيّا كانت لشمول الأفراد ، ويلزم من شمول الأفراد شمول الخصائص ، وإن كان الاستغراق مجازيّا كانت أل لشمول الخصائص فقط.
فمثال التي يخلفها كل دون تجوز ، نحو قوله تعالى : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً)(١).
قال المصنف (٢) : «والمراد بكون الشمول مطلقا عموم الأفراد والخصائص بخلاف التي يخلفها كلّ على سبيل التجوز نحو : زيد الرجل ، بمعنى الكامل في الرجولية الجامع لخصائصها ؛ فإن هذا تجوز لأجل المبالغة ، ويستعملون كلّا بهذا المعنى تابعا وغير تابع ، فيقولون : زيد كلّ الرجل وزيد الرجل كل الرجل ، وحكى الفراء عن العرب أطعمنا شاة كلّ شاة ، والشمول الحقيقي هو الأصل ، ولذلك استغنى عن قرينة ولم يستغن الثاني عنها» انتهى.
وذكر المصنف : أن أل [١ / ٢٨٩] إذا كانت للشمول مطلقا تختص بحكمين وهما : الاستثناء من مصحوبها ، وأنه إذا كان مفردا جاز اعتبار لفظه وهو الأولى ، واعتبار معناه. ـ
__________________
يكون اللام في الرجل أو نحو الضرب لتأكيد تعريف الحقيقة إذا لم يقصد العهد ، وهو قول لم يقل به أحد».
«وإذا قلنا : المراد بتعريف الحقيقة القصد إليها حال حضورها أو تقدير حضورها لم يمتز عن تعريف العهد لوارد بالتحقيق أو بالتقدير ؛ لأن تعريف العهد ليس شيئا غير القصد إلى الحاضر في الذهن حقيقة أو مجازا كقولك : جاءني رجل فقال الرجل كذا. وانطلق رجل إلى موضع كذا. والمنطلق ذو جد ، وإذا قلنا : المراد بتعريف الحقيقة هو الاستغراق لزم في اللام كونها موضوعة لغير التعريف إذا تأملت ، ولزم مع ذلك أن يكون الجمع بينها وبين لفظ المفرد جمعا بين المتنافيين».
ثم قال : «والأقرب بناء على قول بعض أئمة أصول الفقه بأن اللام موضوعة لتعريف العهد لا غير هو أن يقال : المراد بتعريف الحقيقة أحد قسمي التعريف ، وهو تنزيلها منزلة المعهود بوجه من الوجوه الخطابية إما لأن ذلك الشيء محتاج إليه على طريق التحقيق ، فهو لذلك حاضر في الذهن ، فكأنه معهود ، أو على طريق التهكم ، وإما لأنه عظيم الخطر معقود به الهمم وقلما ينسى ، وإما لأنه لا يغيب عن الحس فهو حاضر ، وإما لأنه جار على الألسن كثيرا لوروده في الكلام ، وإما لأن أسبابا في شأنه متآخذة ، أو غير ذلك مما يجري مجرى هذه الاعتبارات ، فتقام الحقيقة لذلك مقام المعهود ويقصد إليها بلام التعريف». (مفتاح العلوم : ص ٩٣).
(١) سورةالنساء : ٢٨.
(٢) شرح التسهيل (١ / ٢٥٨).