.................................................................................................
______________________________________________________
وقد ذكر السكاكي (١) في كتابه الموسوم بالمفتاح : أن دلالة أل بالوضع إنما هي العهد لا غير وإن استفيد من الكلام غير ذلك كالاستغراق مثلا ، فإنما ذلك من قرائن خارجية. وبحث ذلك وقرره أحسن تقرير ، وعلى الناظر تطلبه إن رام ذلك (٢).
ثم القائلون بأنها عهدية وجنسية قالوا : يعرض للعهدية الغلبة ولمح الصفة (٣).
ويعرض للجنسية الحضور قالوا : والحضور يكون في أربعة مواضع :
بعد إذا الفجائية نحو : خرجت فإذا الأسد ، وبعد أسماء الإشارة نحو : مررت بهذا الرجل ، وفي النداء نحو : يا أيها الرجل ، وفي الزمان الحاضر نحو : الآن والساعة وما في معناهما ، هكذا ذكروا.
ولا يخفى أن أل لا مدخل لها في إفادة الغلبة ، والذي حصلت له الغلبة إنما هو الاسم بتمامه الذي كان معرفا تعريف العهد ، وكان صادقا على كل من اتصف بذلك العهد ، ثم عرض له الاختصاص بأحد المدلولات من جهة الاستعمال ، وإذا ـ
__________________
(١) هو يوسف بن أبي بكر بن محمد أبو يعقوب السكاكي ، من أهل خوارزم ، إمام في العربية والمعاني والبيان والأدب والعروض والشعر ، متكلم ثقة وهو أحد أفاضل العصر الذين سارت بذكرهم الركبان ، ولد سنة (٥٥٤ ه) ، وقد صنف مفتاح العلوم في اثني عشر علما أحسن فيه كل الإحسان ، قال السيوطي فيه : من رأى مصنفه علم تبحره ونبله وفضله. مات بخوارزم سنة (٦٢٦ ه).
انظر ترجمته في : بغية الوعاة (٢ / ٣٦٤) معجم الأدباء (٢٠ / ٥٩).
(٢) قال السكاكي في معرض تعريف المسند إليه : وأما الحالة التي تقتضي التعريف باللام فهي متى أريد بالمسند إليه نفس الحقيقة كقوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ)[الأنبياء : ٣٠] وكقولك :
الرجل أفضل من المرأة ، وكقول الشاعر (من الكامل) :
ولقد أمر على اللّئيم يسبّني |
|
فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني |
فعرف اللئيم ، والمعنى : ولقد أمر على لئيم من اللئام ، ولذلك تقدر يسبني وصفا لا حالا ، أو يقصد بتعريفه العموم والاستغراق قوله عزوجل : (وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)[العصر : ١ ـ ٣] وقوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)[المائدة : ٣٨] وقوله : (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى)[طه : ٦٩] أو كان للمسند إليه حصة معهودة من الحقيقة ، كقوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (١٥) فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)[المزمل : ١٥ ، ١٦].
انظر : مفتاح العلوم للإمام أبي يعقوب السكاكي ، طبعة مصطفى البابي الحلبي (ص ٨٠).
(٣) مثال أل العهدية التي عرضت لها الغلبة أل التي في «البيت» المقصود به الكعبة ، والتي في «النّجم» المقصود به الثريّا ، و «المدينة» لطيبة ، ومثال أل العهدية التي عرض لها لمح الصفة قولك : العبّاس ، الضّحّاك ، الحارث.