[إلحاق كاف الخطاب لبعض الكلمات الأخرى]
قال ابن مالك : (وتتّصل بـ «أرأيت» ـ موافقة أخبرني ـ هذه الكاف مغنيا لحاق علامات الفروع بها عن لحاقها بالتّاء ، وليس الإسناد إليها مزالا عن التّاء ، خلافا للفرّاء. وتتّصل أيضا بـ «حيهل» و «النّجاء» و «رويد» أسماء أفعال.
وربّما اتّصلت بـ «بلى». وأبصر ، وكلّا ، وليس ، ونعم ، وبئس ، وحسبت).
______________________________________________________
قال ناظر الجيش : لما ذكر أن الكاف المتصلة بأسماء الإشارة حرف خطاب وكان ثم مواضع أخر تستعمل فيها الكاف حرفا استطرد المصنف فذكرها (١).
فمنها (أرأيت) : إذا أريد بها معنى أخبرني فإنه يجوز أن تتصل به كاف الخطاب وألا تتصل ، فإن لم تتصل به وجب للتاء ما يجب لها مع سائر الأفعال : من تذكير وتأنيث ، وتثنية وجمع ، ومنه قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ)(٢).
وإن اتصلت به استغني بما يلحق الكاف من علامة تأنيث وتثنية وجمع عن ما يلحق التاء ، وألزمت التاء ما يلزمها في خطاب المفرد المذكر ، ومنه قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ)(٣).
ولو كان الخطاب لاثنين بهذا المعنى لقيل أرأيتكما ، ولو كان لأنثى لقيل أرأيتك ، ولو كان لإناث لقيل أرأيتكنّ [١ / ٢٨٠](٤) فتلزم التاء الضمة والتجريد.
والكاف في هذا كله حرف خطاب لا موضع لها من الإعراب. واستدل سيبويه (٥) على ذلك بقول العرب : أرأيتك فلانا ما حاله؟ ومنه قوله تعالى : (أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ)(٦).
وزعم الفراء أن موضعه رفع بالفاعلية ، وأن التاء حرف خطاب (٧) ؛ والقول ـ
__________________
(١) شرح التسهيل (١ / ٢٤٦).
(٢) سورةالأنعام : ٤٦.
(٣) سورةالأنعام : ٤٠ ، ٤٧.
(٤) سقط ترقيم (ص ٢٧٩) من الأصل.
(٥) الكتاب (١ / ٢٤٥).
(٦) سورةالإسراء : ٦٢.
(٧) لخص السيوطي هذه المذاهب في كتابه الهمع (١ / ٧٧) فقال : المسألة الرابعة : تتصل هذه الكاف ـ أعني الحرفية ـ بأرأيت بمعنى أخبرني نحو : أرأيتك يا زيد عمرا ما صنع؟ وأرأيتك يا هند ، وأرأيتكما وأرأيتكم وأرأيتكن ، فتبقى التاء مفردة دائما ، ويغني لحاق علامات الفروع بالكاف عن لحوقها التاء وفيها حينئذ مذاهب :
أحدها : أن الفاعل هو التاء ، والكاف حرف خطاب لا موضع لها من الإعراب ، وعليه البصريّون.
الثاني : أن التاء حرف خطاب وليست باسم ، وإلا لطابقت ، والكاف هي الفاعل للمطابقة وعليه الفراء.