وجهة إلى الأنصار من خطاب بعد انتهائها من خطبتها في المسجد فبينما هو يذوب رقة في جوابه للزهراء واذا به يطوي نفسه على نار متأججة تندلع بعد خروج فاطمة من المسجد. في أكبر الظنّ. فيقول : ما هذه الدعة إلى كل قالة انّما هو ثعالة شهيده ذنبه ـ وقد نقلنا الخطاب كاملاً فيما سبق ـ فان هذا الانقلاب من اللين والهدوء إلى الغضب الفائر يدلّنا على مقدار ما أوتي من سيطرة على مشاعره وقدرته على مسايرة الظرف وتمثيل الدور المناسب في كل حين.
ونجحت معارضة الزهراء لأنّها جهزت الحق بقوة قاهرة وأضافت إلى طاقته على الخلود في ميدان النضال المذهبي طاقة جديدة وقد سجلت هذا النجاح في حركتها كلّها وفي محاورتها مع الصديق والفاروق عند زيارتهما لها بصورة خاصة إذا قالت لهما : أرأيتكما ان حدثتكما حديثاً عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تعرفانه وتفعلان به فقالا نعم فقالت : نشدتكما الله ألم تسمعا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي فمن أحبّ فاطمة فقد أحبّني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني (١) قالا نعم سمعناه من رسول الله (ص) قالت : فانّي أشهد الله وملائكته انكما اسخطتماني وما أرضيتماني ولئن لقيت النبي (ص) لأشكونكما عنده (٢).
__________________
(١) صحت عن رسول الله (ص) عبائر متعددة بهذا المعنى فقد جاء عنه في الصحيح انّه قال لفاطمة ان الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك وقال : فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها ـ راجع صحيح البخاري ج ٥ ص ٢٧٤ وصحيح مسلم ج ٤ ص ٢٦١ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٥٤ وذخائر العقبى ص ٣٩ والصواعق ص ١٠٥ ومسند أحمد ج ٤ ص ٣٢٨ وجامع الترمذي ج ٢ ص ٢١٩ وابن ماجة ج ١ ص ٢١٦.
(٢) تجد حديث غضب فاطمة على أبي بكر في صحيح البخاري ج ٥ ص ٥ وج ٦ ص ١٩٦ وصحيح مسلم ج ٢ ص ٧٢ ومسند أحمد ج ١ ص ٦ وتاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٠٢ وكفاية الطالب ص ٢٢٦ وسنن البيهقي ج ٦ ص ٣٠٠.