والدخول فيه جنباً (١) فمفهوم هذا الإختصاص ان في معانيه معنى المسجد لأنّ المسجد رمز السماء الصامت في دنيا المادة وعلي هو الرمز الإلهي الحي في دنيا الروح والعقيدة.
وان كانت السماء قد امتدحت فتوة علي وأعلنت عن رضاها عليه اذ قال المنادي : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي (٢) فانّها عنت بذلك ان فتوة علي وحدها هي الرجولة الكاملة التي لا يرتفع إلى مداها انسان ولا ترقى إلى افقها بطولة الابطال واخلاص المخلصين.
ومن مهزلة الأقدار ان هذه الفتوة التي قدسها الهاتف الإلهي كانت عيباً في رأي مشايخ السقيفة ونقصاً في علي يؤاخذ عليه وينزل به عن الصديق الذي لم يكن يمتاز عليه إلا بسنين قضاها كافراً مشركاً.
وأنا لا أدري كيف صار الازدواج بين الجاهلية والإسلام في حياة شخص واحد مجداً يمتاز به عمن خلصت حياته كلّها لله.
ولئن ظهرت للناس في البحوث الجديدة القوة الطبيعية التي تجعل الأجسام الدائرة حول المحور تسير على خط معين فلقد ظهرت في علي قبل مئات السنين قوة مثلها ولكنها ليست من حقائق الفيزياء بل من قوى السماء وهي التي جعلت من علي مناعة طبيعية للإسلام حفظت له مقامه الأعلى ما دام الإمام حياً ومحوراً تدور عليه الحياة الإسلامية لتستمد منه روحانيتها وثقافتها وروحها وجوهرها سواء أكان على رأس الحكم أو لا.
__________________
(١) راجع مسند الإمام أحمد ج ٤ ص ٣٦٩ ومستدرك الحاكم ج٣ ص ١٢٥ وشرح النهج لابن أبي الحديد ج ٢ ص ٤٥١ وتذكرة سبط ابن الجوزي ومناقب الخوارزمي وتاريخ الخلفاء للسيوطي والصواعق لابن حجر والخصائص للنسائي.
(٢) ذكر ذلك الطبري في تاريخه ج ٣ ص ١٧ وابن هشام في سيرته وابن أبي الحديد في شرح النهج والخوارزمي في المناقب.