ولم يعبأ الحاكمون بمعارضة الأمويين وتهديد أبي سفيان وما أعلنه من كلمات الثورة بعد رجوعه من سفره الذي بعثه فيه رسول الله (ص) لجباية الأموال لعلمهم بطبيعة النفس الأموية وشهواتها السياسية والمادية فكان من السهل كسب الأمويين إلى جانب الحكم القائم كما صنع أبو بكر فأباح لنفسه أو أباح له عمر بتعبير أصح كما تدل الرواية (١) أن يدفع لأبي سفيان جميع ما في يده من أموال المسلمين وزكواتهم (٢) ثم جعل للأمويين بعد ذلك حظاً من العمل الحكومي في عدة من المرافق الهامة.
وهكذا نجح الحزب الحاكم في نقطتين ولكن هذا النجاح جره إلى تناقض سياسي واضح لأن ظروف السقيفة كانت تدعو الحاكمين إلى أن يجعلوا للقرابة من رسول الله (ص) حساباً في مسألة الخلافة ويقروا مذهب الوراثة للزعامة الدينية غير ان الحال تبدلت بعد موقف السقيفة والمعارضة اتخذت لها لوناً جديداً وواضحاً كل الوضوح يتلخص في أن قريشاً إذا كانت أولى برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من سائر العرب لأنّه منها فبنو هاشم أحقّ بالأمر من بقية قريش.
وهذا ما أعلنه علي حين قال : إذا احتج عليهم المهاجرون بالقرب من رسول الله (ص) كانت الحجة لنا على المهاجرين بذلك قائمة فان فلجت حجتهم كانت لنا دونهم وإلا فالأنصار على دعوتهم ، واوضحه العباس لابي بكر في حديث له معه اذ قال له : وأما قولك نحن شجرة رسول الله صلىاللهعليهوآله فانكم جيرانها ونحن أغصانها.
__________________
(١) راجع شرح النهج الجزء الأول ص ١٣٠.
(٢) قد نستطيع ان نجيب على ضوء هذه القصّة عمّا عرض لنا من سؤال في بداية هذا الفصل عن موقف الخليفتين لو قدر لهما أن يقفا موقف علي الذي كان يفرض عليه ان يغري كثيراً من أمثال أبي سفيان بالمال والجاه.