سياق الرواية التاريخية
التي حكت لنا هذه الحركة الدفاعية يشعر بهاذ فان دخولها من الباب الخاص لا يكلفها
سيراً في نفس المسجد ولا اجتياز طريق بينه وبين بيتها ، فمن أين للراوي أن يصف
مشيها ، وينعته بأنّه لا يخرم مشية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وهو لم يكن معها بالطبع ، ولو تصورنا انّها سارت في نفس المسجد ، فلا ينتهي سيرها
بالدخول على الخليفة ، وانّما يبتدئ بذلك ، لأن من دخل المسجد صدق عليه انّه دخل
على من فيه ، وان سار في ساحته مع أن الراوي يجعل دخولها على أبي بكر متعقباً
لمشيها ، وهذا وغيره يكون قرينة على ما استقريناه.
* * *
النسوة :
وتدلنا الرواية على انّ الزهراء كانت
تصحبها معها نسوة من قومها وحفدتها كما سبق ذكره ومرد هذه الصحبة ، وذلك الاختيار
للباب العام إلى أمر واحد ، وهو تنبيه الناس ، وكسب التفاتهم باجتيازها في الطريق
مع تلك النسوة ليجتمعوا في المسجد ، ويتهافتوا حيث ينتهي بها السير بقصد التعرف
على ما تريده وتعزم عليه من قول أو فعل ، وبهذا تكون المحاكمة علنية تعيها اسماع
عامة المسلمين في ذلك الوسط المضطرب.
ظاهرة :
سبق أن الرواية التأريخية جاءت تنص على
انّ الزهراء لم تكن لتخرم في مشيتها مشية ابيها صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ويتسع لنا المجال لفلسفة هذا التقليد الدقيق
فلعله كان طبيعة قد جرت عليها في موقفها هذا بلا تكلف ولا اعتناء خاص ، وليس هذا
ببعيد فانّها صلوات الله عليها قد اعتادت ان تقلد اباها وتحاكيه في سائر