أن الهاء أحد [الحروف العشرة التى تسمى] حروف الزيادة لا حروف النقص ، وإنما سميت حروف الزيادة لأن زيادتها فى الكلام هو الباب المعروف ، وأما الحذف فإنما جاء فى بعضها ، وقليل ذلك ، ألا ترى إلى كثرة زيادة الواو والياء فى الكلام وأن ذلك أضعاف أضعاف حذفهما إذا كانتا أصليّتين نحو يد ودم [وغد] وأب وأخ وهن ؛ فهذه ونحوها أسماء يسيرة محدودة محتقرة فى جنب الأسماء المزيد فيها الياء والواو (١) ، وكذلك الهاء أيضا إنما حذفت فى نحو شفة : واست وعضة فيمن قال : عاضه ، وسنة فيمن قال : سانهت ، وما يقلّ جدا ، وقد تراها تزاد للتأنيث فيما لا يحاط به ، نحو جوزة ولوزة ، ولبيان الحركة فى نحو (ماليه) و (كتابيه) ولبيان حرف المد نحو «وازيداه» ، ألا ترى أن من حروف الزيادة ما يزاد ولا يحذف فى شىء من الكلام البتة؟ وذلك اللام والسبن والميم ، فقد علمت أن الزيادة فى هذه الحروف أفشى من الحذف ؛ فعلى هذا القياس ينبغى أن تكون الهاء فى أمّهة زيادة على أم ؛ فأما قول من قال : تأمّهت أمّا وإثباته الهاء فنظيره مما يعارضه قولهم : أم بيّنة الأمومة ، بحذف الهاء ؛ فرواية برواية ، وبقى الذى قدمناه حاكما بين القولين ، وقاضيا بأن زيادة الهاء أولى من اعتقاد حذفها ، على أن الأمومة قد حكاها ثعلب ، وحسبك به ثقة ، وأما «تأمّهت أما» فإنما حكاها صاحب العين ، وفى كتاب العين من الخطل والاضطراب ما لا يدفعه نظّار جلد» إلى آخر ما ذكر من القدح فى هذا الكتاب.
وكذا حكم الزمخشرى فى المفصل بزيادة الهاء فى لفظ المفرد والجمع ، وقال : تأمّهت مسترذل ، وأنشد البيت فى الكشاف عند قوله تعالى (فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) على أن زيادة الهاء فى المفرد شاذة.
والبيت لقصىّ بن كلاب جدّ النبى صلىاللهعليهوسلم ، وقبله :
__________________
(١) هنا فى سر الصناعه أمثلة للياء والواو الزائدتين