تقول : مضت جمادى بما فيها ؛ فإن جاء تذكير جمادى فى شعر فهو ذهاب إلى معنى الشهر ، وهى غير مصروفة للتأنيث والعلمية ، والأولى والآخرة صفة لها ، فإن الآخرة بمعنى المتأخرة ، ولا يقال : جمادى الأخرى ؛ لأن الأخرى بمعنى الواحدة فتتناول المتقدمة والمتأخرة فيحصل اللبس ، ويحكى أن العرب حين وضعت الشهور وافق وضع الأزمنة فاشتق للشهر معان من تلك الأزمنة ؛ ثم كثر حتى استعملوها فى الأهلة وإن لم توافق ذلك الزمان ؛ فقالوا : رمضان ، لما أرمضت الأرض من شدة الحر ، وشوال ، لما شالت الإبل بأذنابها للطروق ، وذو القعدة لما ذللوا القعدان للركوب ، وذو الحجة لما حجوا ، والمحرم ، لما حرموا القتال والتجارة ، وصفر لما غزوا فتركوا ديار القوم صفرا ، وشهر ربيع ، لما أربعت الأرض وأمرعت ، وجمادى ، لما جمد الماء ، ورجب لما رجبوا الشجر ، وشعبان لما أشعبوا العود»
وقوله «ذات أندية» بجر ذات بمعنى صاحبة صفة لليلة ، وأندية جمع ندى ، وهو أصل المطر ، والندى البلل ، وبعضهم يقول ما سقط آخر الليل فهو ندى ، وأما الذى يسقط أوله فهو السّدى : ـ بفتح السين المهملة ـ على وزنه من باب تعب ؛ فهى ندية مثل تقية ، ويعدى بالهمزة والتضعيف ، وجملة «لا يبصر الكلب الخ» صفة أخرى لليلة ، وخصّ الكلب بالإبصار لأنه أصدق الحيوانات بصرا بالليل ، وقيل إنه يكاد يعرف الفارس المدجج الذى لا يبين إلّا عيناه ، والطنب ـ بضمتين ، وسكون النون ـ لغة ، وهو الحبل الذى تشدبه الخيمة ونحوها ، والجمع أطناب كعنق وأعناق ، وقول العوام طنب ـ بفتحتين ـ لا أصل له ، و «فى» متعلقة بيبصر ، وروى بدلها «من» وهى بمعناها وقال العينى : للتعليل ، والظلماء هنا بمعنى الظلمة ، ويأتى وصفا أيضا يقال : ليلة ظلماء والليلة الظلماء ، وقوله لا ينبح الكلب الخ من باب ضرب ، وفى لغة من باب نفع ، والنّباح ـ بالضم ـ : صوته ، والخيشوم الأنف ، وإنما يلف ذنبه