الرحمن ، وعنه أن «ألم» معناه أنا الله أعلم ، ونحو ذلك فى سائر الفواتح ، وعنه أن الألف من الله ، واللام من جبريل ، والميم من محمد : أى القرآن منزل من الله عزوجل بلسان جبريل على محمد صلّى الله تعالى عليهما وسلم» انتهى.
ومنهم ابن جنى قاله فى باب (شجاعة العربية) (١) من الخصائص ، وقال أيضا فى المحتسب عند توجيه قراءة (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) من سورة يس : «قرأ جماعة (يا حسرة) بالهاء ساكنة ، وفيه نظر ؛ لأن قوله (على العباد) متعلقة بها أو صفة لها ، وكلاهما لا يحسن الوقوف عليها دونه ، ووجهه عندى أن العرب إذا أخبرت عن الشىء غير معتمدته ولا معتزمة عليه أسرعت فيه ، ولم تتأن على اللفظ المعبر به عنه ، وذلك كقوله :
*قلنا لها قفى ، فقالت : قاف*
معناه وقفت ، فاقتصر من جملة الكلمة على حرف منها تهاونا بالحال وتثاقلا عن الإجابة واعتماد المقال ... إلى آخر ما ذكره».
وذهب جماعة إلى أن هذا ضرورة لا يجوز فى فصيح الكلام ، قال المبرد بعد ما نقلناه عنه : «وهذا ما تستعمله الحكماء ، فانه يقال : إن اللسان إذا كثرت حركته رقت عذبته (٢) ... إلى آخر ما ذكره»
ومنهم أبو الحسن الأخفش ، قال فيما كتبه على نوادر أبى زيد : «وهذا الحذف كالإيماء والإشارة ، يقع من بعض العرب لفهم بعض عن بعض ما يريد ، وليس هذا هو البيان ؛ لأن البيان ما لم يكن محذوفا وكان مستوفى شائعا ، حدثنا أبو العباس المبرد قال : حدثنا أصحابنا عن الأصمعى قال : كان أخوان من العرب يجتمعان فى موضع لا يكلم أحدهما الآخر إلا فى وقت النّجعة (٣) ، فإنه يقول
__________________
(١) كذا ، وانظر الخصائص (١ : ٢٩٩)
(٢) عذبة اللسان طرفه الدقيق ، يريد درب على الكلام ومرن عليه
(٣) النجعة ـ بالضم ـ : طلب الكلأ من مواضعه ، ويتجوز به فى غير ذلك