وشركت الألف الهاء كشركتها فى قوله «أنا» ، بيّنوها بالألف كبيانهم بالهاء فى هية وهنّة وبغلتية ، قال الراجز :
بالخير خيرات وإن شرّا فا |
|
ولا أريد الشّرّ إلّا أن تا |
يريد إن شرا فشر ، ولا أريد الشر إلا أن تشاء» انتهى كلامه.
قال الأعلم : «الشاهد فى لفظه بالفاء» من قوله «فشرّ» والتاء من قوله «تشاء» ولما لفظ بهما وفصلهما مما بعدهما ألحقهما الألف للسكت عوضا من الهاء التى يوقف عليها ، كما قالوا «أنا» و «حيّهلا» فى الوقف ، والمعنى أجزيك بالخير خيرات ، وإن كان منك شر كان منى مثله ، ولا أريد الشر إلا ان تشاء ؛ فحذف لعلم السامع» انتهى.
وكذا أورده المبرد فى الكامل قال : «حدثنى أصحابنا عن الأصمعى ، وذكره سيبويه فى كتابه ، ولم يذكر قائله ، ولكن الأصمعى قال : كان أخوان متجاوران لا يكلم واحد منهما صاحبه سائر سنته حتى يأتى وقت الرّعى فيقول أحدهما للآخر «ألاتا» فيقول الآخر «بلى فا» يريد ألا تنهض فيقول الآخر : بلى فانهض ، وحكى سيبويه فى كتابه
*بالخير خيرات وإن شرّا فا* الخ
يريد إن شرّا فشر ولا أريد الشر إلا أن تريد» انتهى.
وهذا على رواية الألف الواحدة ، وأما الرواية بألف بعد همزة فى البيت فقد قال ابن جنى فى سر الصناعة : «أنشدنا أبو على :
بالخير خيرات وإن شرّا فأا |
|
ولا أريد الشّرّ إلّا أن تأا |
والقول فى ذلك أنه يريد «فا» و «تا» ثم زاد على الألف ألفا أخرى توكيدا كما تشبع الفتحة ؛ فتصير ألفا كما تقدم ، فلما التقت ألفان حرّك الأولى فانقلبت همزة ، وقد أنشدنا أيضا «فا» و «تا» بألف واحدة» انتهى.