وكانت الآطام عزّهم وحصونهم يتحرّزون فيها من عدوهم ، ويزعمون أنه لما بناه هو وغلام له أشرف ثم قال : لقد بنيت حصنا حصينا ما بنى مثله رجل من العرب أمنع منه ، ولقد عرفت موضع حجر منه لو نزع لوقع جميعا ؛ فقال غلامه : أنا أعرفه ، قال : فأرنيه يا بنى ، قال : هو هذا ، وصرف إليه رأسه ، فلما رأى أحيحة أنه قد عرفه دفعه من رأس الأطم فوقع على رأسه فمات ، حتى لا يعرف ذلك الحجر أحد ؛ ولما بناه قال :
*بنيت بعد مستظلّ ضاحيا* الأبيات الأربعة
قال : وكان أحيحة سيّد قومه الأوس ، وكان رجلا صنعا للمال شحيحا عليه يبيع بيع الربا بالمدينة ، حتى كاد يحيط بأموالهم ، وكانت لة تسع وتسعون بئراكلها ينضح عليها ، انتهى.
قال الزمخشرى فى كتاب الأمكنة : عصبة : موضع بقباء ، وأنشد الشعر المذكور ، انتهى.
وقال السمهودى فى تاريخ المدينة المنورة : أطم يقال له مستظل عند بئر غرس كان لأحيحة ثم صار لبنى عبد المنذر ، انتهى.
وقال صاحب الصحاح : والأطم [مثل الأجم (١)] يخفف ويثقل ، والجمع آطام ، وهى حصون لأهل المدينة ؛ والواحدة أطمة بفتحات ، انتهى.
و «المستظل» معناه موضع الاستظلال ، و «الضّحيان» بمعنى الضاحى ، وهو البارز غير المستتر ، وكأنه سمّاه بهما ، ولما لم يستقم له فى الشعر الضّحيان جاء بالآخر موضعه ، وعصبة بفتح العين وسكون الصاد المهملتين فباء موحدة ، وليس لهذه الكلمات ذكر فى معجم ما استعجم لأبى عبيد البكرى ، ولا فى
__________________
(١) سقطت هذه الكلمة من بعض النسخ ، وهى ثابتة فى بعض