معنى قولك الشجاع أو الجواد. وتقول «فلان حاتم فى قومه» فتعلق الظرف بما فى حاتم من معنى (١) الجود ، ومن هنا ردّ على الكسائى فى استدلاله على إعمال اسم الفاعل المصغر بقول بعضهم «أظننى مرتحلا وسويّرا فرسخا» وعلى سيبويه فى استدلاله على إعمال فعيل بقوله :
٦٨١ ـ حتّى شآها كليل موهنا عمل |
|
[باتت طرابا وبات اللّيل لم ينم] |
وذلك أن «فرسخا» ظرف مكان و «موهنا» ظرف زمان ، والظرف يعمل فيه روائح الفعل ، بخلاف المفعول به ، ويوضح كون الموهن ليس مفعولا به أن كليلا من كلّ ، وفعله لا يعدّى ، واعتذر عن سيبويه بأن كليلا بمعنى مكل ، وكأن البرق يكلّ الوقت بدوامه فيه ، كما يقال «أتعبت يومك» أو بأنه إنما استشهد به على أن فاعلا يعدل إلى فعيل للمبالغة ، ولم يستدل به على الإعمال ، وهذا أقرب ، فإن فى الأول حمل الكلام على المجاز مع إمكان حمله على الحقيقة ، وقال ابن مالك فى قول الشاعر :
*ونعم من هو فى سرّ وإعلان* [٥٣٥]
يجوز كون من موصولة فاعلة بنعم ، وهو : مبتدأ خبره هو أخرى مقدرة ، وفى : متعلقة بالمقدرة ، لأن فيها معنى الفعل ، أى الذى هو مشهور ، انتهى : والأولى أن يكون المعنى الذى هو ملازم لحالة واحدة فى سر وإعلان ، وقدّر أبو على من هذه تمييزا ، والفاعل مستتر ، وقد أجيز فى قوله تعالى : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) تعلقه باسم الله تعالى وإن كان علما ، على معنى وهو المعبود ، وهو المسمى بهذا الاسم ، وأجيز تعلقه بيعلم ، وبسركم وجهركم ، وبخبر محذوف قدره الزمخشرى بعالم ، ورد الثانى بأن فيه تقديم معمول المصدر وتنازع عاملين فى متقدم ، وليس بشى ، لأن المصدر هنا ليس مقدرا بحرف مصدرى وصلته ، ولأنه قد جاء نحو (بِالْمُؤْمِنِينَ
__________________
(١) العبارة الدقيقة «فتعلق الظرف بحاتم لما فيه من معنى الجواد».