أَنْفُسُهُمْ) الآية : قد أهمتهم : صفة لطائفة ، ويظنون : صفة أخرى ،
أو حال بمعنى قد أهمتهم أنفسهم ظانين ، أو استئناف على وجه البيان للجملة قبلها ،
ويقولون : بدل من يظنون ، فكأنه نسى المبتدأ ؛ فلم يجعل شيئا من هذه الجملة خبرا
له.
قلت : لعله رأى
أن خبره محذوف ، أى ومعكم طائفة صفتهم كيت وكيت ، والظاهر أن الجملة الأولى خبر ،
وأن الذى سوّغ الابتداء بالنكرة صفة مقدرة ، أى وطائفة من غيركم ، مثل «السّمن
منوان بدرهم» أى منه ، أو اعتماده على واو الحال كما جاء فى الحديث «دخل عليه
الصّلاة والسّلام وبرمة على النّار».
وسألت كثيرا من
الطلبة عن إعراب «أحقّ ما سأل العبد مولاه» فيقولون : مولاه مفعول ، فيبقى لهم
المبتدأ بلا خبر ، والصواب أنه الخبر ، والمفعول العائد المحذوف : أى سأله ، وعلى
هذا فيقال : أحقّ ما سأل العبد ربّه ، بالرفع ، وعكسه «إنّ مصابك المولى قبيح»
يذهب الوهم فيه إلى أن المولى خبر ، بناء على أن المصاب اسم مفعول ، وإنما هو
مفعول ، والمصاب مصدر بمعنى الإصابة ، بدليل مجىء الخبر بعده ، ومن هنا أخطأ من
قال فى مجلس الواثق بالله فى قوله :
أظلوم إنّ
مصابكم رجلا
|
|
أهدى السّلام
تحيّة ظلم [٧٨٢]
|
إنه برفع رجل ،
وقد مضت الحكاية.
تنبيه ـ قد
يكون للشىء إعراب إذا كان وحده ؛ فإذا اتصل به شىء آخر تغير إعرابه ؛ فينبغى
التحرز فى ذلك.
من ذلك «ما أنت
، وما شأنك» فإنهما مبتدأ وخبر ، إذا لم تأت بعدهما بنحو قولك «وزيدا» فإن جئت به
فأنت مرفوع بفعل محذوف ، والأصل : ما تصنع ، أو ما تكون ، فلما حذف الفعل برز
الضمير وانفصل ، وارتفاعه بالفاعلية ، أو على أنه اسم لكان ، وشأنك بتقدير ما يكون
، وما فيهما فى موضع نصب خبرا