وأما (ص وَالْقُرْآنِ) الآية ؛ فقيل : الجواب محذوف ، أى إنه لمعجز ، بدليل الثناء عليه بقوله (ذِي الذِّكْرِ) أو (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) بدليل (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) أو ما الأمر كما زعموا ، بدليل (وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) وقيل : مذكور ، فقال الأخفش (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ) وقال الفراء وثعلب (أَحْرَصَ) لأن معناها صدق الله ، ويردّه أن الجواب لا يتقدم ، فإن أريد أنه دليل الجواب فقريب ، وقيل (كَمْ أَهْلَكْنا) الآية ، وحذفت اللام للطول.
وأما (ثُمَّ آتَيْنا) فعطف على (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ) وثم لترتيب الأخبار ، لا لترتيب الزمان ، أى ثم أخبركم بأنا آتينا موسى الكتاب.
وأما (وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) فمبتدأ حذف خبره ، أى وكل أمر مستقر عند الله واقع ، أو ذكر ، وهو (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) وما بينهما اعتراض ، وقول بعضهم الخبر (مُسْتَقِرٌّ) وخفض على الجوار حمل على ما لم يثبت فى الخبر.
وأما (وَفِي مُوسى) فعطف على (فِيها) من (وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ).
الثانى : قول بعضهم فى (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) إن الوقف على (فَلا جُناحَ) : إنّ ما بعده إغراء ليفيد صريحا مطلوبيّة التطوف بالصفا والمروة ؛ ويردّه أن إغراء الغائب ضعيف ، كقول بعضهم وقد بلغه أن إنسانا يهدّده «عليه رجلا ليسنى» أى ليلزم [غيرى] ، والذى فسّرت به عائشة رضى الله عنها خلاف ذلك ، وقصتها مع عروة بن الزبير رضى الله تعالى عنهم فى ذلك مسطورة فى صحيح البخارى ثم الإيجاب لا بتوقّف على كون (عَلَيْهِ) إغراء ، بل كلمة على تقتضى ذلك مطلقا.
وأما قول بعضهم فى (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) : إن الوقف قبل (عَلَيْكُمْ) وإن (عَلَيْكُمْ) إغراء فحسن ، وبه يتخلص من إشكال ظاهر فى الآية محوج للتأويل.