لأن (أَلَمْ تَرَ) فى معنى قد رأيت ، أى أنه استفهام تقريرى مثل (أَلَمْ نَشْرَحْ) وقيل : النصب جائز كما فى قوله تعالى (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ) ولكن قصد هنا إلى العطف على (أُنْزِلَ) على تأويل تصبح بأصبحت ، والصواب القول الأول ، وليس (أَلَمْ تَرَ) مثل (أَفَلَمْ يَسِيرُوا) لما بيناه.
الثامن عشر : قول بعضهم فى (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً) إن الأصل اتخذوهم قربانا ، وإن الضمير وقربانا مفعولان ، وآلهة بدل من قربانا ، وقال الزمخشرى : إن ذلك فاسد فى المعنى ، وإن الصواب أن آلهة هو المفعول الثانى ، وأن قربانا حال ، ولم يبين وجه فساد المعنى ؛ ووجهه أنهم إذا ذمّوا على اتخاذهم قربانا من دون الله اقتضى مفهومه الحثّ على أن يتّخذوا الله سبحانه قربانا ، كما أنك إذا قلت «أتتّخذ فلانا معلّما دونى؟» كنت آمرا له أن يتخذك معلما له دونه ، والله تعالى يتقرب إليه بغيره ، ولا يتقرب به إلى غيره ، سبحانه.
التاسع عشر : قول المبرد فى قوله تعالى (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) إن جملة (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) جملة دعائية ، وردّه الفارسىّ بأنه لا يدعى عليهم بأن تحصر صدورهم عن قتال قومهم ، ولك أن تجيب بأن المراد الدعاء عليهم بأن يسلبوا أهليّة القتال حتى لا يستطيعوا أن يقاتلوا أحدا البتة.
المتمم العشرين : قول أبى الحسن فى قوله تعالى (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) فيمن نون مائة إنه يجوز كون سنين منصوبا بدلا من ثلاث ، أو مجرورا بدلا من مائة ، والثانى مردود ، فإنه إذا أقيم مقام مائة فسد المعنى.
الحادى والعشرون : قول المبرد فى (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) : إن اسم الله تعالى بدل من آلهة ، ويردّه أن البدل فى باب الاستثناء مستثنى موجب له الحكم ، أما الأول فلأن الاستثناء إخراج ، و «ما قام أحد إلا زيد» مفيد لإخراج