لا يجوز إعراب فواتح السور على القول بأنها من المتشابه الذى استأثر الله تعالى بعلمه.
ولقد حكى لى أن بعض مشايح الإقراء أعرب لتلميذ له بيت المفصّل.
٧٧٥ ـ لا يبعد الله التلبّب وال |
|
غارات إذ قال الخميس : نعم |
فقال : نعم حرف جواب ، ثم طلبا محل الشاهد فى البيت ، فلم يجداه ، فظهر لى حينئذ حسن لغة كنانة فى نعم الجوابية وهى نعم بكسر العين ، وإنما نعم هنا واحد الأنعام ، وهو خبر لمحذوف ، أى هذه نعم ، وهو محل الشاهد.
وسألنى أبو حيّان ـ وقد عرض اجتماعنا ـ علام عطف «بحقلّد» من قول زهير :
٧٧٦ ـ تقىّ نقىّ لم يكثر غنيمة |
|
بنهكة ذى قربى ولا بحقلّد |
فقلت : حتى أعرف ما الحقلّد ، فنظرناه فإذا هو سىء الخلق ، فقلت : هو معطوف على شىء متوهم ؛ إذ المعنى ليس بمكثر غنيمة ، فاستعظم ذلك.
وقال الشلوبين : حكى لى أن نحويا من كبار طلبة الجزولى سئل عن إعراب (كَلالَةً) من قوله تعالى (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ) فقال : أخبرونى ما الكلالة ، فقالوا له : الورثة إذا لم يكن فيهم أب فماعلا ولا ابن فما سفل ، فقال : فهى إذا تمييز ، وتوجيه قوله أن يكون الأصل : وإن كان رجل يرثه كلالة ، ثم حذف الفاعل وبنى الفعل للمفعول فارتفع الضمير واستتر ، ثم جىء بكلالة تمييزا ، ولقد أصاب هذا النحوىّ فى سؤاله ، وأخطأ فى جوابه ؛ فإن التمييز بالفاعل بعد حذفه نقض للغرض الذى حذف لأجله ، وتراجع عما بنيت الجملة عليه من طىّ ذكر الفاعل فيها ؛ ولهذا لا يوجد فى كلامهم مثل ضرب أخوك رجلا ، وأما قراءة من قرأ (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ) بفتح الباء ـ فالذى سوّغ فيها أن يذكر الفاعل بعد ما حذف أنه إنما ذكر فى جملة أخرى غير التى حذف فيها.
وكإعراب هذا المعرب كلالة تمييزا قول بعضهم فى هذا البيت :
٧٧٧ ـ يبسط للأضياف وجها رحبا |
|
بسط ذراعيه لعظم كلبا |