مَنْ زَكَّاها) (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ) وزعم أبو على أن التضعيف فى هذا للمبالغة لا للتعدية ؛ لقولهم «سرت زيدا» وقوله :
٧٧٠ ـ [فلا تجزعن من سيرة أنت سرتها] |
|
فأوّل راض سنّة من يسيرها |
وفيه نظر ؛ لأن «سرته» قليل ، وسيّرته كثير ، بل قيل : إنه لا يجوز «سرته» وإنه فى البيت على إسقاط الباء توسعا ، وقد اجتمعت التعدية بالباء والتضعيف فى قوله تعالى (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ) وزعم الزمخشرى أن بين التعديتين فرقا ؛ فقال : لما نزّل القرآن منجما والكتابان جملة واحدة جىء بنزّل فى الأول وأنزل فى الثانى ، وإنما قال هو فى خطبة الكشاف «الحمد لله الذى أنزل القرآن كلاما مؤلفا منظما ، ونزّله بحسب المصالح منجما» لأنه أراد بالأول أنزله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا وهو الإنزال المذكور فى (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وفى قوله تعالى (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) وأما قول القفال : إن المعنى الذى أنزل فى وجوب صومه أو الذى أنزل فى شأنه فتكلّف لا داعى إليه ، وبالثانى تنزيله من السماء الدنيا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم نجوما فى ثلاث وعشرين سنة.
ويشكل على الزمخشرى قوله تعالى (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) فقرن نزل بجملة واحدة ، وقوله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها) وذلك إشارة إلى قوله تعالى (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا) الآية ، وهى آية واحدة.
والنقل بالتضعيف سماعى فى القاصر كما مثلنا ، وفى المتعدى لواحد نحو «علّمته الحساب ، وفهّمته المسالة» ولم يسمع فى المتعدى لاثنين ، وزعم الحريرى أنه يجوز فى علم المتعدية لاثنين أن ينقل بالتضعيف إلى ثلاثة ، ولا يشهد له سماع ولا قياس ،