كما هى بيان لما فى (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) لم يجز واحد من الوجهين ، لعدم الراجع حينئذ إلى كم ، وإنما هى مفعول ثان مقدم ، مثل «أعشرين درهما أعطيتك» وجوّز الزمخشرى فى كم الخبرية والاستفهامية ، ولم يذكر النحويون أن كم الخبرية تعلّق العامل عن العمل ، وجوّز بعضهم زيادة من كما قدمنا ، وإنما تزاد بعد الاستفهام بهل خاصة ، وقد يكون تجويزه ذلك على قول من لا يشترط كون الكلام غير موجب مطلقا ، أو على قول من يشترطه فى غير باب التمييز ، ويرى أنها فى «رطل من زيت ، وخاتم من حديد» زائدة ، لا مبينة للجنس.
السادس والسابع : بدلا البعض والاشتمال ، ولا يربطهما إلا الضمير : ملفوظا نحو (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) أو مقدرا نحو (مَنِ اسْتَطاعَ) أى منهم ، ونحو (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ) أى فيه ، وقيل : إن أل خلف عن الضمير ، أى ناره ، وقال الأعشى :
٧٤٩ ـ لقد كان فى حول ثواء ثويته |
|
تقضّى لبانات ويسأم سائم |
أى ثوبته فيه ، فالهاء من «ثويته» مفعول مطلق ، وهى ضمير الثّواء ، لأن الجملة صفته ، والهاء رابط الصفة ، والضمير المقدر رابط للبدل ـ وهو ثواء ـ بالمبدل منه وهو حول ، وزعم ابن سيده أنه يجوز كون الهاء من ثويته للحول على الاتساع فى ضمير الظرف بحذف كلمه فى ، وليس بشى ، لخلو الصفة حينئذ من ضمير الموصوف ، ولاشتراط الرابط فى بدل البعض وجب فى نحو قولك «مررت بثلاثة زيد وعمرو» القطع بتقدير منهم ، لأنه لو اتبع لكان بدل بعض من غير ضمير.
تنبيه ـ إنما لم يحتج بدل الكل إلى رابط لأنه نفس المبدل منه فى المعنى ، كما أن الجملة التى هى نفس المبتدأ لا تحتاج إلى رابط لذلك.