وفى الحديث «كلّ مولود يولد على الفطرة حتّى يكون أبواه هما اللّذان يهودّانه أو ينصّرانه» إن قدّر فى «يكون» ضمير لكل فأبواه مبتدأ ، وقوله «هما» إما مبتدأ ثان وخبره للذان والجملة خبر أبواه ، وإما فصل ، وإما بدل من أبواه إذا أجزنا (١) إبدال الضمير من الظاهر ، واللذان خبر أبواه ، وإن قدّر «يكون» خاليا من الضمير فأبواه اسم يكون ، و «هما» مبتدأ أو فصل أو بدل ، وعلى الأول فاللذان بالألف ، وعلى الأخيرين هو بالياء.
روابط الجملة بما هى خبر عنه
وهى عشرة :
أحدها الضمير ، وهو الأصل ، ولهذا يربط به مذكورا كزيد ضربته ، ومحذوفا مرفوعا نحو (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) إن قدر لهما ساحران (٢) ، ومنصوبا كقراءة ابن عامر فى سورة الحديد (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) ولم يقرأ بذلك فى سورة النساء ، بل قرأ بنصب (كل) كالجماعة ، لأن قبله جملة فعلية وهى (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ) فساوى بين الجملتين فى الفعلية ، بل بين الجمل ؛ لأن بعده (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ) وهذا مما أغفلوه ، أعنى الترجيح باعتبار ما يعطف على الجملة ، فإنهم ذكروا رجحان النصب على الرفع فى باب الاشتغال فى نحو «قام زيد وعمرا أكرمته» للتناسب ، ولم يذكروا مثل ذلك فى نحو «زيد ضربته وأكرمت عمرا» ولا فرق بينهما ، وقول أبى النجم :
[قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى |
|
على ذنبا] كلّه لم أصنع [٣٣٢] |
ولو نصب «كل» على التوكيد لم يصح ؛ لأن «ذنبا» نكرة ، أو على المفعولية كان فاسدا معنى ، لما بيناه فى فصل كل ، وضعيفا صناعة ، لأن حق كل متصلة بالضمير أن لا تستعمل إلا توكيدا أو مبتدأ نحو (إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) قرىء بالنصب والرفع
__________________
(١) فى نسخة «إذا جوزنا»
(٢) فى نسخة «إذا قدر لهما ساحران».