ليس لزم العطف على معمولى عاملين ، وإن كان فاعلا بقاصر لزم عدم الارتباط بالمخبر عنه ؛ إذ التقدير حينئذ فليس منهيا بقاصر عنك مأمورها.
وقد أجيب عن الثانى بأنه لما كان الضمير فى مأمورها عائدا على الأمور كان كالعائد على المنهيّات ؛ لدخولها فى الأمور.
واعلم أن الزمخشرىّ ممن منع العطف المذكور ، ولهذا اتجه له أن يسأل فى قوله تعالى (وَالشَّمْسِ وَضُحاها وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) الآيات ، فقال : فإن قلت : نصب إذا معضل ؛ لأنك إن جعلت الواوات عاطفة وقعت فى العطف على عاملين ، يعنى أنّ إذا عطف على إذا المنصوبة بأقسم ، والمخفوضات عطف على الشمس المخفوضة بواو القسم ، قال : وإن جعلتهن للقسم وقعت فيما اتفق الخليل وسيبويه على استكراهه ، يعنى أنهما استكرها ذلك لئلا يحتاج كل قسم إلى جواب يخصه ، ثم أجاب بأن فعل القسم لما كان لا يذكر مع واو القسم بخلاف الباء صارت كأنها هى الناصبة الخافضة فكان العطف على معمولى عامل.
قال ابن الحاجب : وهذه قوة منه ، واستنباط لمعنى دقيق ، ثم اعترض عليه بقوله تعالى (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) فإن الجار هنا الباء ، وقد صرح معه بفعل القسم ؛ فلا تنزل الباء منزلة الناصبة الخافضة ، اه.
وبعد ، فالحق جواز العطف على معمولى عاملين فى نحو «فى الدّار زيد والحجرة عمرو» ولا إشكال حينئذ فى الآية.
وأخذ ابن الخباز جواب الزمخشرىّ فجعله قولا مستقلا فقال فى كتاب النهاية : وقيل إذا كان أحد العاملين محذوفا فهو كالمعدوم ، ولهذا جاز العطف فى نحو (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) وما أظنه وقف فى ذلك على كلام غير الزمخشرى فينبغى له أن يقيد الحذف بالوجوب.