وفي الوقت نفسه يفتقد الاواصر المعنوية الخاصة ، ولقد تفطن العلامة الزمخشري صاحب التفسير لهذه النكتة ، فهو يقول في تفسير قوله تعالى : (أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت) (هود / ٧٠) :
لانها كانت في بيت الآيات ومهبط المعجزات والامور الخارقة للعادات فكان عليها أن تتوقر ولا يزدهيها ما يزدهي سائر النساء الناشئات في غير بيوت النبوة ، وأن تسبح الله وتمجده مكان التعجب ، وإلى ذلك أشارت الملائكة في قولها (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ...) أرادوا أن هذه وأمثالها مما يكرمكم به رب العزة ويخصكم بالانعام به يا أهل بيت النبوة (١).
وعلى ذلك لا يصح تفسير الآية بكل المنتمين عن طريق الاواصر الجسمانية إلى بيت خاص حتى بيت فاطمة إلا أن تكون هناك الوشائج المشار إليها.
ولقد جرى بين قتادة ذلك المفسر المعروف وبين أبي جعفر محمد بن علي الباقر ـ عليهالسلام ـ محادثة لطيفة أرشده الامام فيها إلى هذا المعنى الذي أشرنا إليه قال عند ما جلس الامام الباقر ـ عليهالسلام ـ : لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام ابن عباس فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك. قال له أبو جعفر الباقر عليهالسلام ـ : ويحك أتدري أين أنت؟ أنت بين يدي (بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكوة) (النور / ٣٦ ـ ٣٧) فأنت ثم ونحن اولئك. فقال قتادة : صدقت والله جعلني الله فداك ، والله ما هي بيوت حجارة ولا طين (٢).
وما جاء في كلام باقر الامة ـ عليهالسلام ـ يحض المفسر على التحقيق عن الافراد الذين برتبطون بالبيت الرفيع بأواصر معينة وبذلك يسقط القول بأن المراد منه أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لانه لم تكن تلك الوشائج الخاصة ـ باتفاق المسلمين ـ بينهن ، وأقصى ما عندهن أنهن كن مسلمات مؤمنات.
__________________
(١) الكشاف ٢ / ١٠٧.
(٢) الكافي ٦ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧.