وفي باب جهات علم الائمة (ع) روى عن علي بن ابراهيم عمن حدثه عن المفضل بن عمر انه قال قلت : لأبي الحسن موسى بن جعفر ، جاءنا عن ابي عبد الله (ع) انه قال : ان علمنا غابر ومزبور ونكث في القلوب ونقر في الأسماع ، فقال (ع) اما الغابر فما تقدم من علمنا ، واما المزبور فما يأتينا واما النكث في القلوب فالهام ، واما النقر في الأسماع فامر الملك (١).
والامر في هذه الرواية سهل من حيث مضمونها ، فان الالهام بمعنى الادراك الصحيح لواقع الاشياء ، يحصل من صفاء النفس وحدة الذهن ، ويحصل بالهداية من الله سبحانه إلى الواقع ، والنقر في الاسماع مرجعه إلى ان الله سبحانه يرشد الامام (ع) إلى احكام الحوادث وبعض ما يجري في مستقبل الزمان ، والايحاء بهذا المعنى ليس من مختصات الانبياء فقد ورد في القرآن في مختلف المناسبات ومن ذلك قوله سبحانه : «واوحى ربك إلى النحل ان اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون» وهل معنى ذلك ان الامين جبرائيل كان ينزل على النحل ليوحي إليها بذلك ، لا اظن ان احدا يلتزم بهذا الامر.
اما من حيث سندها فهي من قسم الضعيف ، لانها جاءت عن طريق المفضل بن عمر ، المعروف بالغلو والكذب ، وقد وصفه الامام الصادق بالكفر والشرك ، ونهى عن الاخذ بمروياته.
وروى في باب التفويض إلى رسول الله والى الائمة في امر الدين ، عن احمد ابن ابي زاهر بسنده إلى ابي اسحاق النحوي انه قال : دخلت على ابي عبد الله (ع) فسمعته يقول : ان الله عزوجل ادب نبيه على محبته فقال : وانك لعلى خلق عظيم ، ثم فوض إليه فقال عزوجل :
__________________
(١) ص ٢٦٤ ج ١.