ذلك من المرويات الكثيرة التي تؤكد أن الخليفه لم يعتمد على الرسول في منعه عن التدوين ، وانه قد تفرد بهذا التصرف حرصا على كتاب الله ، ولكن الرواية التي تنص على انه قد اتنهر ابي بن كعب لما حدث عن بيت المقدس ، وقوله فيها : اني كرهت ان يكون الحديث عن رسول الله ظاهرا ، هذه الرواية تدل على انه كان حريصا على ان لا ينتشر الحديث عن رسول الله (ص) ، مع العلم بان حديث الرسول مكمل للتشريع ، ومبين لمجملات القرآن ومخصص لعموماته ومطلقاته ، وقد تكفل لكثير من النواحي الاخلاقية والاجتماعية والتربوية ، ولو تقصينا الاسباب التي يمكن افتراضها لتلك الرغبة الملحة في بقاء السنة في طي الكتمان لم نجد سببا يخوله هذا التصرف ، ولا نستبعد انه كان يتخوف من اشتهار احاديث الرسول في فضل علي وابنائه (ع).
ويؤكد ذلك ما رواه عبد الرحمن بن الاسود عن ابيه. ان علقمة جاء بكتب من اليمن أو مكة تحتوي على طائفة من الاحاديث في فضل اهل البيت (ع) ، فاستأذنا على عبد الله بن مسعود فدخلنا عليه ودفعنا إليه الكتب ، قال : فدعا الجارية ثم دعا بطشت فيه ماء ، فقلنا له : يا ابا عبد الله انظر فيها فان فيها احاديث حسانا ، فلم يلتفت ، وجعل يميثها في الماء ويقول : نحن نقص عليك احسن القصص بما اوحينا اليك هذا القران ، القلوب اوعية فاشغلو ها بالقرآن ، وعبد الله بن مسعود كان منحرفا عن علي (ع) ويساير المنحرفين عنه ، كما تؤكد ذلك النصوص التاريخية.
ولو افترضنا ان الخليفة كان حسن النية في هذا الامر ، وانه لم يمنع الا بدافع الحرص على كتاب الله ، فقد كان من تتائجه ، ان اتسع المجال للكذابين والمنحرفين عن المخطط الاسلامي ، والمرتزقة ان يضعوا من الاحاديث ما توحيه إليهم الاهواء والمطامع ، بالاضافة إلى ما ضاع منها