قال ابن حجر في هدى الساري في تحديد المبتدع الذي لا تقبل مروياته : ان الموصوف بالبدعة ، اما ان يكون ممن يكفر بها أو يفسق فالمكفر بها لا بد وان يكون التكفير متفقا عليه من قواعد جميع الائمة ، كما في غلاة الرافضة المدعين حلول الالوهية في علي (ع) وغيره ، والايمان برجوعه إلى الدنيا قبل يوم القيمة أو غير ذلك ، وليس في الصحيح من حديث هؤلاء شئ.
والبدعة الموجبة للفسق كبدع الخوارج والروافض الذين لا يغلون ذلك الغلو ، وغير هؤلاء من الطوائف المخالفين لاصول السنة خلافا ظاهرا والمستندين في خلافهم إلى تأويل ظاهر سائغ ، فقد اختلف اهل السنة في قبول حديث من هذا سبيله ، إذا كان معروفا بالتحرز من الكذب مشهورا بالسلامة من خوارم المروءة ، موصوفا بالديانة والعبادة ، فقيل يقبل حديثه مطلقا ، وقيل يرد مطلقا ، وفصل آخرون بين ان يكون داعية لبدعته ، أو غير داعية لها فقبلوا حديث غير الداعية ، وردوا حديث الداعية لها واضاف إلى ذلك. ان هذا المذهب هو الاعدل وصارت إليه طوائف من الائمة ، وادعى ابن حيان اجماح اهل النقل عليه. وفصل بعضهم في رواية المبتدع الذي لا يدعو لبدعته ، بما حاصله ان غير الداعي إلى بدعته إذا اشتملت روايته ولو من بعيد على ما يؤيد بدعته ، أو يحسنها في ظاهر الحال فلا يصح التعويل على حديثه ، وان لم يشتمل حديثه على شئ من ذلك يصح الاعتماد عليه إلى غير ذلك من الاقوال الكثيرة التي اوردها العسقلاني في مقدمة فتح الباري (١). وكما ذكرنا لا يستطيع الباحث ان ينتزع مبدأ عاما صريحا في عدم قبول مرويات الشيعة بقول مطلق يعبر عن رأي الجميع ويصح اعتباره مذهبا لهم والذي يمكن نسبته إلى الاكثرية ان السثيعي إذا لم يعلن البرائة ممن تقدم على على (ع) في الخلافة ولم
__________________
(١) انظر ص ١٤٤ و ١٤٥ من المجلد الثاني من هدى الساري.