لانقطاع النظم واتصال المعنى واتحاد القائل. (الصَّادِقِينَ) ه (الْخائِنِينَ) ه (نَفْسِي) ج للحذف أي عن السوء (رَبِّي) ط (رَحِيمٌ) ه.
التفسير : تقدير الكلام فحبسوه (وَدَخَلَ مَعَهُ) أي مصاحبا له في الدخول (السِّجْنَ فَتَيانِ) غلامان للملك الأكبر خبازه وشرابيه نقلا عن أئمة التفسير أو استدلالا برؤياهما المناسبة لحرفتهما. رفع إلى الملك أنهما أراد سمه في الطعام والشراب فأمر بإدخالهما السجن ساعة إذ دخل يوسف (قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي) أي في المنام لقولهما : (نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ) وهو حكاية حال ماضية (أَعْصِرُ خَمْراً) أي عنبا تسمية للشيء باسم ما يؤول إليه. وقيل : الخمر بلغة عمان اسم العنب. والضمير في قوله : (بِتَأْوِيلِهِ) يعود إلى ما قصا عليه وقد يوضع الضمير موضع اسم الإشارة كأنه قيل : نبئنا بتأويل ذلك (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) عبارة الرؤيا. وكان أهل السجن يقصون عليه رؤياهم فيؤوّلها لهم ، أو نراك من العلماء عرفا ذلك بالقرائن أو من المحسنين إلى أهل السجن كان يعود مرضاهم ويوسع عليهم ويراعي دقائق مكارم الأخلاق معهم ، أو من المحسنين في طاعة الله وطلب مرضاته ففرج عنا الغمة بتأويل ما رأينا وإن كانت لك يد في تأويل الرؤيا. وعن قتادة : كان في السجن ناس قد انقطع رجاؤهم وطال حزنهم فجعل يقول : أبشروا اصبروا تؤجروا. فقالوا : ما أحسن وجهك وما أحسن خلقك فمن أنت يا فتى؟ فقال : أنا يوسف بن صفي الله يعقوب بن ذبيح الله إسحق بن خليل الله إبراهيم. فقال له عامل السجن : لو استطعت خليت سبيلك ولكني أحسن جوارك فكن في أي بيوت السجن شئت. وعن الشعبي ومجاهد أنهما تحالما له ليمتحناه فقال الشرابي : أراني في بستان فإذا بأصل كرم عليه ثلاثة عناقيد من عنب فقطعتها وعصرتها في كأس الملك وسقيته. وقال الخباز : إني أراني وفوق رأسي ثلاث سلال فيها أنواع الأطعمة ، وإذا سباع الطير تنهش منها (قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ) إلى آخره هذا ليس بجواب لهما ظاهرا وإنما قدم هذا الكلام لوجوه منها : أن أحد التعبيرين لما كان هو الصلب وكان في إسماعه كراهة ونفرة أراد أن يقدم قبل ذلك ما يوثق بقوله ويخرجه عن معرض التهمة والعداوة ، أو أراد أن يبين علوّ مرتبته في العلم وأنه ليس من المعبرين الذين يعبرون عن ظن وتخمين ، ولهذا قال السدي : أراد لا يأتيكما طعام ترزقانه في النوم. بين بذلك أن علمه بتأويل الرؤيا ليس مقصورا على شيء دون غيره. وقيل : إنه محمول على اليقظة وإنه ادعى معرفة الغيب كقول عيسى عليهالسلام (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ) [آل عمران : ٤٩] أي أخبركما (قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما) أنه أيّ طعام هو وأيّ لون