أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «أول ما خلق الله جوهرة» ـ وفي رواية ـ «درّة فنظر إليها فذابت» «أول ما خلق الله اللوح» «أول ما خلق الله روحي» وفي رواية «نوري» «وأول ما خلق الله العقل» «وأول ما خلق الله القلم» (١) وما قيل عن بعض السلف إن أول ما خلق الله على الإطلاق ملك كروبي. فالأسماء مختلفة والمسمى واحد وهو روح النبي صلىاللهعليهوسلم. فباعتبار أنه كان درة صدف الموجودات سمي درة وجوهرة ، وباعتبار نورانيته سمي نورا ، وباعتبار وفور عقله سمي عقلا ، إذ قال له أقبل إلى الدنيا رحمة للعالمين فأقبل. ثم قال له : أدبر أي ارجع إلى ربك فأدبر عن الدنيا ورجع إلى المعراج ، ثم قال له : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحب إليّ منك ، بك أعرف ، وبك آخذ ، يعني طاعة من أخذ منك الدين والشريعة ، وبك أعطي أي بشفاعتك أعطي الدرجات العالية ، وبك أعاقب الكافرين وبك أثبت المؤمنين. وباعتبار جريان الأمور على وفق متابعته والاقتداء به سمي قلما وباعتبار غلبات صفات الملائكة عليه سمي ملكا كروبيا ، ولأن كل الأرواح خلقت من روحه كان أم الأرواح وروحها فلهذا قيل له «أمي». وقد ورد في الحديث : «آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة» (٢) ولما كان الروح خليفة الله تعالى اتصف بالأزلية دون الأبدية ، ولما كان الجسد خليفة الروح فبالروح قوامه وقيامه لم يكن الجسد أزليا ولا أبديا إلا بتبعية الروح. ثم أخبر عن عزة القرآن وغيرة الرحمن بقوله : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَ) الآية. وفيه أنه لا يقدر على الإتيان والذهاب به إلا الله تعالى لكنه أكد هذا المعنى بقوله : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُ) والمراد بالجن كل ما هو مستور عن العيون فيتناول الملائكة أيضا. وفيه أنه لا مثل لصفاته حتى الكلام كما أنه لا مثل لذاته والله تعالى أعلم بالصواب.
(وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (٩٣) وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلاَّ أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً (٩٤) قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ
__________________
(١) رواه أبو داود في كتاب السنة باب ١٦. الترمذي في القدر باب ١٧. أحمد في مسنده (٥ / ٣١٧).
(٢) رواه الترمذي في كتاب المناقب باب ١. أحمد في مسنده (١ / ٢٨١ ، ٢٩٥).