فِي أَعْمَالِهِمْ وفَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِهِمْ ـ وسِرْتُ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ ـ بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ ـ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ ـ فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ كَدَرِه ونَفْعَه مِنْ ضَرَرِه ـ فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ نَخِيلَه (٣٦١٦) ـ وتَوَخَّيْتُ (٣٦١٧) لَكَ جَمِيلَه وصَرَفْتُ عَنْكَ مَجْهُولَه ـ ورَأَيْتُ حَيْثُ عَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِي الْوَالِدَ الشَّفِيقَ ـ وأَجْمَعْتُ عَلَيْه (٣٦١٨) مِنْ أَدَبِكَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ـ وأَنْتَ مُقْبِلُ الْعُمُرِ ومُقْتَبَلُ (٣٦١٩) الدَّهْرِ ـ ذُو نِيَّةٍ سَلِيمَةٍ ونَفْسٍ صَافِيَةٍ ـ وأَنْ أَبْتَدِئَكَ بِتَعْلِيمِ كِتَابِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ ـ وتَأْوِيلِه وشَرَائِعِ الإِسْلَامِ وأَحْكَامِه وحَلَالِه وحَرَامِه ـ لَا أُجَاوِزُ (٣٦٢٠) ذَلِكَ بِكَ إِلَى غَيْرِه ـ ثُمَّ أَشْفَقْتُ (٣٦٢١) أَنْ يَلْتَبِسَ عَلَيْكَ ـ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيه مِنْ أَهْوَائِهِمْ وآرَائِهِمْ ـ مِثْلَ الَّذِي الْتَبَسَ (٣٦٢٢) عَلَيْهِمْ ـ فَكَانَ إِحْكَامُ ذَلِكَ عَلَى مَا كَرِهْتُ مِنْ تَنْبِيهِكَ لَه أَحَبَّ إِلَيَّ ـ مِنْ إِسْلَامِكَ إِلَى أَمْرٍ لَا آمَنُ عَلَيْكَ بِه الْهَلَكَةَ (٣٦٢٣) ـ ورَجَوْتُ أَنْ يُوَفِّقَكَ اللَّه فِيه لِرُشْدِكَ ـ وأَنْ يَهْدِيَكَ لِقَصْدِكَ فَعَهِدْتُ إِلَيْكَ وَصِيَّتِي هَذِه.
واعْلَمْ يَا بُنَيَّ ـ أَنَّ أَحَبَّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِه إِلَيَّ مِنْ وَصِيَّتِي تَقْوَى اللَّه ـ والِاقْتِصَارُ عَلَى مَا فَرَضَه اللَّه عَلَيْكَ ـ والأَخْذُ بِمَا مَضَى عَلَيْه الأَوَّلُونَ مِنْ آبَائِكَ ـ والصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ ـ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوا (٣٦٢٤) أَنْ نَظَرُوا لأَنْفُسِهِمْ كَمَا أَنْتَ نَاظِرٌ ـ وفَكَّرُوا كَمَا أَنْتَ مُفَكِّرٌ ـ ثُمَّ رَدَّهُمْ