مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِينِي مِنْ أَمْرِ نَفْسِي ـ فَكَتَبْتُ إِلَيْكَ كِتَابِي ـ مُسْتَظْهِراً بِه (٣٥٩٧) إِنْ أَنَا بَقِيتُ لَكَ أَوْ فَنِيتُ.
فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّه أَيْ بُنَيَّ ولُزُومِ أَمْرِه ـ وعِمَارَةِ قَلْبِكَ بِذِكْرِه والِاعْتِصَامِ بِحَبْلِه ـ وأَيُّ سَبَبٍ أَوْثَقُ مِنْ سَبَبٍ بَيْنَكَ وبَيْنَ اللَّه ـ إِنْ أَنْتَ أَخَذْتَ بِه.
أَحْيِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ وأَمِتْه بِالزَّهَادَةِ ـ وقَوِّه بِالْيَقِينِ ونَوِّرْه بِالْحِكْمَةِ ـ وذَلِّلْه بِذِكْرِ الْمَوْتِ وقَرِّرْه بِالْفَنَاءِ (٣٥٩٨) ـ وبَصِّرْه (٣٥٩٩) فَجَائِعَ (٣٦٠٠) الدُّنْيَا ـ وحَذِّرْه صَوْلَةَ الدَّهْرِ وفُحْشَ تَقَلُّبِ اللَّيَالِي والأَيَّامِ ـ واعْرِضْ عَلَيْه أَخْبَارَ الْمَاضِينَ ـ وذَكِّرْه بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الأَوَّلِينَ ـ وسِرْ فِي دِيَارِهِمْ وآثَارِهِمْ ـ فَانْظُرْ فِيمَا فَعَلُوا وعَمَّا انْتَقَلُوا وأَيْنَ حَلُّوا ونَزَلُوا ـ فَإِنَّكَ تَجِدُهُمْ قَدِ انْتَقَلُوا عَنِ الأَحِبَّةِ ـ وحَلُّوا دِيَارَ الْغُرْبَةِ ـ وكَأَنَّكَ عَنْ قَلِيلٍ قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ ـ فَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ ولَا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ ـ ودَعِ الْقَوْلَ فِيمَا لَا تَعْرِفُ والْخِطَابَ فِيمَا لَمْ تُكَلَّفْ ـ وأَمْسِكْ عَنْ طَرِيقٍ إِذَا خِفْتَ ضَلَالَتَه ـ فَإِنَّ الْكَفَّ عِنْدَ حَيْرَةِ الضَّلَالِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الأَهْوَالِ وأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِه ـ وأَنْكِرِ الْمُنْكَرَ بِيَدِكَ ولِسَانِكَ ـ وبَايِنْ (٣٦٠١) مَنْ فَعَلَه بِجُهْدِكَ ـ وجَاهِدْ فِي اللَّه حَقَّ جِهَادِه ـ ولَا تَأْخُذْكَ فِي اللَّه