١٩٣ ـ ومن خطبة له عليهالسلام
يصف فيها المتقين
رُوِيَ أَنَّ صَاحِباً لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام يُقَالُ لَه هَمَّامٌ ـ كَانَ رَجُلًا عَابِداً فَقَالَ لَه يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ـ صِفْ لِيَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ـ فَتَثَاقَلَ عليهالسلام عَنْ جَوَابِه ـ ثُمَّ قَالَ يَا هَمَّامُ اتَّقِ اللَّه وأَحْسِنْ ـ فَ «إِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا والَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ» ـ فَلَمْ يَقْنَعْ هَمَّامٌ بِهَذَا الْقَوْلِ حَتَّى عَزَمَ عَلَيْه ـ فَحَمِدَ اللَّه وأَثْنَى عَلَيْه وصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلىاللهعليهوآله ـ ثُمَّ قَالَ عليهالسلام:
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه وتَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ ـ غَنِيّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ ـ لأَنَّه لَا تَضُرُّه مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاه ـ ولَا تَنْفَعُه طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَه فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ مَعَايِشَهُمْ ـ ووَضَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَوَاضِعَهُمْ ـ فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ ـ مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ ومَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ (٢٦٨١) ومَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ ـ غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ (٢٦٨٢) عَمَّا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِمْ ـ ووَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ ـ نُزِّلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلَاءِ ـ كَالَّتِي نُزِّلَتْ فِي الرَّخَاءِ (٢٦٨٣) ـ ولَوْ لَا الأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللَّه عَلَيْهِمْ ـ لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ ـ شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ وخَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ ـ عَظُمَ الْخَالِقُ فِي أَنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُونَه فِي أَعْيُنِهِمْ ـ فَهُمْ والْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ ـ وهُمْ والنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ ـ قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ ـ وأَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ وحَاجَاتُهُمْ