عَلَى جَمَاعَةِ هَذِه الأُمَّةِ ـ فِيمَا عَقَدَ بَيْنَهُمْ مِنْ حَبْلِ هَذِه الأُلْفَةِ ـ الَّتِي يَنْتَقِلُونَ فِي ظِلِّهَا ويَأْوُونَ إِلَى كَنَفِهَا ـ بِنِعْمَةٍ لَا يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ لَهَا قِيمَةً ـ لأَنَّهَا أَرْجَحُ مِنْ كُلِّ ثَمَنٍ وأَجَلُّ مِنْ كُلِّ خَطَرٍ.
واعْلَمُوا أَنَّكُمْ صِرْتُمْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَعْرَاباً ـ وبَعْدَ الْمُوَالَاةِ (٢٦٥٨) أَحْزَاباً ـ مَا تَتَعَلَّقُونَ مِنَ الإِسْلَامِ إِلَّا بِاسْمِه ـ ولَا تَعْرِفُونَ مِنَ الإِيمَانِ إِلَّا رَسْمَه.
تَقُولُونَ النَّارَ ولَا الْعَارَ ـ كَأَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُكْفِئُوا الإِسْلَامَ عَلَى وَجْهِه ـ انْتِهَاكاً لِحَرِيمِه ونَقْضاً لِمِيثَاقِه الَّذِي وَضَعَه اللَّه لَكُمْ ـ حَرَماً فِي أَرْضِه وأَمْناً بَيْنَ خَلْقِه ـ وإِنَّكُمْ إِنْ لَجَأْتُمْ إِلَى غَيْرِه حَارَبَكُمْ أَهْلُ الْكُفْرِ ـ ثُمَّ لَا جَبْرَائِيلُ ولَا مِيكَائِيلُ ـ ولَا مُهَاجِرُونَ ولَا أَنْصَارٌ يَنْصُرُونَكُمْ ـ إِلَّا الْمُقَارَعَةَ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّه بَيْنَكُمْ.
وإِنَّ عِنْدَكُمُ الأَمْثَالَ مِنْ بَأْسِ اللَّه وقَوَارِعِه ـ وأَيَّامِه ووَقَائِعِه ـ فَلَا تَسْتَبْطِئُوا وَعِيدَه جَهْلًا بِأَخْذِه ـ وتَهَاوُناً بِبَطْشِه ويَأْساً مِنْ بَأْسِه ـ فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَلْعَنِ الْقَرْنَ الْمَاضِيَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ ـ إِلَّا لِتَرْكِهِمُ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ ـ فَلَعَنَ اللَّه السُّفَهَاءَ لِرُكُوبِ الْمَعَاصِي والْحُلَمَاءَ لِتَرْكِ التَّنَاهِي!
أَلَا وقَدْ قَطَعْتُمْ قَيْدَ الإِسْلَامِ ـ وعَطَّلْتُمْ حُدُودَه وأَمَتُّمْ أَحْكَامَه ـ أَلَا وقَدْ أَمَرَنِيَ اللَّه ـ بِقِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ والنَّكْثِ (٢٦٥٩) والْفَسَادِ فِي الأَرْضِ،