مُسْتَضْعَفِينَ ـ قَدِ اخْتَبَرَهُمُ اللَّه بِالْمَخْمَصَةِ (٢٥٧٥) وابْتَلَاهُمْ بِالْمَجْهَدَةِ (٢٥٧٦) ـ وامْتَحَنَهُمْ بِالْمَخَاوِفِ ومَخَضَهُمْ (٢٥٧٧) بِالْمَكَارِه ـ فَلَا تَعْتَبِرُوا الرِّضَى والسُّخْطَ بِالْمَالِ والْوَلَدِ ـ جَهْلًا بِمَوَاقِعِ الْفِتْنَةِ ـ والِاخْتِبَارِ فِي مَوْضِعِ الْغِنَى والِاقْتِدَارِ ـ فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَه وتَعَالَى ـ (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِه مِنْ مالٍ وبَنِينَ ـ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه يَخْتَبِرُ عِبَادَه الْمُسْتَكْبِرِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ ـ بِأَوْلِيَائِه الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي أَعْيُنِهِمْ ـ
تواضع الأنبياء
ولَقَدْ دَخَلَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ومَعَه أَخُوه هَارُونُ عليهالسلام ـ عَلَى فِرْعَوْنَ وعَلَيْهِمَا مَدَارِعُ الصُّوفِ ـ وبِأَيْدِيهِمَا الْعِصِيُّ فَشَرَطَا لَه إِنْ أَسْلَمَ ـ بَقَاءَ مُلْكِه ودَوَامَ عِزِّه ـ فَقَالَ أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَيْنِ يَشْرِطَانِ لِي دَوَامَ الْعِزِّ ـ وبَقَاءَ الْمُلْكِ ـ وهُمَا بِمَا تَرَوْنَ مِنْ حَالِ الْفَقْرِ والذُّلِّ ـ فَهَلَّا أُلْقِيَ عَلَيْهِمَا أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ـ إِعْظَاماً لِلذَّهَبِ وجَمْعِه ـ واحْتِقَاراً لِلصُّوفِ ولُبْسِه ـ ولَوْ أَرَادَ اللَّه سُبْحَانَه لأَنْبِيَائِه ـ حَيْثُ بَعَثَهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الذِّهْبَانِ (٢٥٧٨) ـ ومَعَادِنَ الْعِقْيَانِ (٢٥٧٩) ومَغَارِسَ الْجِنَانِ ـ وأَنْ يَحْشُرَ مَعَهُمْ طُيُورَ السَّمَاءِ ووُحُوشَ الأَرَضِينَ ـ لَفَعَلَ ـ ولَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلَاءُ (٢٥٨٠) وبَطَلَ الْجَزَاءُ،