ولَمْ يُعِنْه عَلَى خَلْقِهَا قَادِرٌ ـ ولَوْ ضَرَبْتَ فِي مَذَاهِبِ فِكْرِكَ لِتَبْلُغَ غَايَاتِه ـ مَا دَلَّتْكَ الدَّلَالَةُ إِلَّا عَلَى أَنَّ فَاطِرَ النَّمْلَةِ ـ هُوَ فَاطِرُ النَّخْلَةِ ـ لِدَقِيقِ تَفْصِيلِ كُلِّ شَيْءٍ ـ وغَامِضِ اخْتِلَافِ كُلِّ حَيٍّ ـ ومَا الْجَلِيلُ واللَّطِيفُ والثَّقِيلُ والْخَفِيفُ ـ والْقَوِيُّ والضَّعِيفُ فِي خَلْقِه إِلَّا سَوَاءٌ.
خلقة السماء والكون
وكَذَلِكَ السَّمَاءُ والْهَوَاءُ والرِّيَاحُ والْمَاءُ ـ فَانْظُرْ إِلَى الشَّمْسِ والْقَمَرِ والنَّبَاتِ والشَّجَرِ ـ والْمَاءِ والْحَجَرِ واخْتِلَافِ هَذَا اللَّيْلِ والنَّهَارِ ـ وتَفَجُّرِ هَذِه الْبِحَارِ وكَثْرَةِ هَذِه الْجِبَالِ ـ وطُولِ هَذِه الْقِلَالِ (٢٣٧٦) وتَفَرُّقِ هَذِه اللُّغَاتِ ـ والأَلْسُنِ الْمُخْتَلِفَاتِ ـ فَالْوَيْلُ لِمَنْ أَنْكَرَ الْمُقَدِّرَ وجَحَدَ الْمُدَبِّرَ ـ زَعَمُوا أَنَّهُمْ كَالنَّبَاتِ مَا لَهُمْ زَارِعٌ ـ ولَا لِاخْتِلَافِ صُوَرِهِمْ صَانِعٌ ـ ولَمْ يَلْجَئُوا (٢٣٧٧) إِلَى حُجَّةٍ فِيمَا ادَّعَوْا ـ ولَا تَحْقِيقٍ لِمَا ـ أَوْعَوْا (٢٣٧٨) وهَلْ يَكُونُ بِنَاءٌ مِنْ غَيْرِ بَانٍ أَوْ جِنَايَةٌ مِنْ غَيْرِ جَانٍ!
خلقة الجرادة
وإِنْ شِئْتَ قُلْتَ فِي الْجَرَادَةِ ـ إِذْ خَلَقَ لَهَا عَيْنَيْنِ حَمْرَاوَيْنِ ـ وأَسْرَجَ لَهَا حَدَقَتَيْنِ قَمْرَاوَيْنِ (٢٣٧٩) ـ وجَعَلَ لَهَا السَّمْعَ الْخَفِيَّ وفَتَحَ لَهَا الْفَمَ السَّوِيَّ ـ وجَعَلَ لَهَا الْحِسَّ الْقَوِيَّ ونَابَيْنِ بِهِمَا تَقْرِضُ ـ ومِنْجَلَيْنِ (٢٣٨٠) بِهِمَا تَقْبِضُ ـ يَرْهَبُهَا الزُّرَّاعُ فِي زَرْعِهِمْ ـ ولَا يَسْتَطِيعُونَ ذَبَّهَا (٢٣٨١)،