وأَزْمَعَ التَّرْحَالَ عِبَادُ اللَّه الأَخْيَارُ ـ وبَاعُوا قَلِيلًا مِنَ الدُّنْيَا لَا يَبْقَى ـ بِكَثِيرٍ مِنَ الآخِرَةِ لَا يَفْنَى ـ مَا ضَرَّ إِخْوَانَنَا الَّذِينَ سُفِكَتْ دِمَاؤُهُمْ وهُمْ بِصِفِّينَ ـ أَلَّا يَكُونُوا الْيَوْمَ أَحْيَاءً يُسِيغُونَ الْغُصَصَ ـ ويَشْرَبُونَ الرَّنْقَ (٢٣٣٥) قَدْ واللَّه لَقُوا اللَّه فَوَفَّاهُمْ أُجُورَهُمْ ـ وأَحَلَّهُمْ دَارَ الأَمْنِ بَعْدَ خَوْفِهِمْ.
أَيْنَ إِخْوَانِيَ الَّذِينَ رَكِبُوا الطَّرِيقَ ـ ومَضَوْا عَلَى الْحَقِّ أَيْنَ عَمَّارٌ (٢٣٣٦) وأَيْنَ ابْنُ التَّيِّهَانِ (٢٣٣٧) ـ وأَيْنَ ذُو الشَّهَادَتَيْنِ (٢٣٣٨) ـ وأَيْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ تَعَاقَدُوا عَلَى الْمَنِيَّةِ ـ وأُبْرِدَ بِرُءُوسِهِمْ (٢٣٣٩) إِلَى الْفَجَرَةِ.
قَالَ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِه عَلَى لِحْيَتِه الشَّرِيفَةِ الْكَرِيمَةِ ـ فَأَطَالَ الْبُكَاءَ ثُمَّ قَالَ عليهالسلام
أَوِّه (٢٣٤٠) عَلَى إِخْوَانِيَ الَّذِينَ تَلَوُا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوه ـ وتَدَبَّرُوا الْفَرْضَ فَأَقَامُوه ـ أَحْيَوُا السُّنَّةَ وأَمَاتُوا الْبِدْعَةَ ـ دُعُوا لِلْجِهَادِ فَأَجَابُوا ووَثِقُوا بِالْقَائِدِ فَاتَّبَعُوه.
ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِه
الْجِهَادَ الْجِهَادَ عِبَادَ اللَّه ـ أَلَا وإِنِّي مُعَسْكِرٌ فِي يَومِي هَذَا ـ فَمَنْ أَرَادَ الرَّوَاحَ إِلَى اللَّه فَلْيَخْرُجْ
قَالَ نَوْفٌ وعَقَدَ لِلْحُسَيْنِ عليهالسلام فِي عَشَرَةِ آلَافٍ ـ ولِقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ رحمهالله فِي عَشَرَةِ آلَافٍ ـ ولأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ ـ ولِغَيْرِهِمْ عَلَى أَعْدَادٍ أُخَرَ ـ وهُوَ يُرِيدُ الرَّجْعَةَ إِلَى صِفِّينَ ـ فَمَا دَارَتِ الْجُمُعَةُ حَتَّى ضَرَبَه الْمَلْعُونُ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَه اللَّه ـ فَتَرَاجَعَتِ الْعَسَاكِرُ فَكُنَّا كَأَغْنَامٍ فَقَدَتْ رَاعِيهَا ـ تَخْتَطِفُهَا الذِّئَابُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ!