فمفعوله الأول «شعارك» والمفعول الثاني «رحمة».
وأفعال القلوب من حيث المعنى والعمل تقسم الى ثلاثة أنواع : منها ما هو لازم ، مثل : «فكّر» ، «تفكّر» ، «حزن» ، «جبن» ، ومنها ما ينصب مفعولا واحدا ، مثل : «خاف» «أحبّ» ، «كره» ومنها ما ينصب مفعولين كأفعال التصيير.
٣ ـ ملاحظة : إذا كان الفعل «ظنّ» بمعنى «اتّهم» فينصب مفعولا واحدا مثل : «ظننت زيدا» أي اتّهمته.
معاني «ظنّ» الرّجحان واليقين : من أفعال الرّجحان ما يفيد اليقين فينصب مفعولين ، ومنها ما يفيد معاني أخرى فينصب مفعولا واحدا ، وقد لا ينصبه.
١ ـ «ظن» تفيد رجحان الأمر ، كقول الشاعر :
ظننتك إن شبّت لظى الحرب صاليا |
|
فعرّدت فيمن كان فيها معرّدا |
حيث أتى الفعل «ظننتك» وهو يفيد الرّجحان.
فالكاف مفعوله الأول «صاليا» : مفعوله الثاني.
وتفيد «ظنّ» معنى «اتّهم» فتقول : «سرق مالي وظننت زيدا» أو «وأظنّ زيدا» أي : أتهم زيدا بالسّرقة. وكقوله تعالى : (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ) بظنين (١) وتفيد «ظنّ» اليقين ، كقوله تعالى : (يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)(٢) وكقوله تعالى : (وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ) منه (إِلَّا إِلَيْهِ)(٣) وفيها «ظنّ» بمعنى اليقين وكذلك في كل ما جاء عن قوله تعالى فهو يدل على اليقين ، وكقول الشاعر :
حسبت التّقى والجود خير تجارة |
|
رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا |
وفيه «حسبت» بمعنى «ظننت» «التقى» :مفعول به أول. «خير» : مفعوله الثاني. وتأتي «حسب» بمعنى «ظن» في قوله تعالى : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ)(٤) وكقوله تعالى : (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ)(٥) وكقوله تعالى : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ)(٦) وكقول الشاعر :
لا تحسبنّ الموت موت البلى |
|
وإنّما الموت سؤال الرّجال |
حيث وردت «تحسبنّ» بمعنى : «تظنّنّ» فنصبت مفعولين الأول الموت والثاني «موت» وكقول الشاعر :
وكنّا حسبنا كلّ بيضاء شحمة |
|
عشيّة لاقينا جذام وحميرا |
وتأتي «خال» بمعنى «ظن» ومضارعها «إخال» بكسر الهمزة في أوله وهذا مخالف للقياس ، ولكنّه متّبع لكثرة السّماع ، كقول الشاعر :
إخالك إن لم تغضض الطّرف ذا هوى |
|
يسومك ما لا يستطاع من الوجد |
حيث ورد الفعل «إخالك» بلفظ المضارع ففاعل ضمير مستتر تقديره : أنا «والكاف» : مفعول به أول «ذا» : مفعول به ثان منصوب بالألف لأنه من الأسماء السّتّة ، ووردت «خال» بلفظ الماضي في قول الشاعر :
إذا القوم قالوا : من فتى؟ خلت أنّني |
|
عنيت فلم أكسل ولم أتبلّد |
__________________
(١) من الآية ٢٤ من سورة التكوير.
(٢) من الآية ٤٦ من سورة البقرة.
(٣) من الآية ١١٨ من سورة التوبة.
(٤) من الآية ٧ من سورة البلد.
(٥) من الآية ٢٧٣ من سورة البقرة.
(٦) من الآية ١٨ من سورة الكهف.