وعلى فعلوة : ولم يجىء أيضا إلّا اسما ، نحو «عنصوة» (١) و «جنذوة» (٢).
وعلى فعلوة : ولم يجىء أيضا إلّا اسما ، وهو قليل لا تفارقه الهاء ، نحو «جندوة».
فأما «ترقوءة» فظاهرها أنها «فعلؤة» ، إذا قد ثبت في «ترقوة» أنّ الأصول إنما هي التاء والراء والقاف ، لكن قد يتخرّج على أن يكون أصله «ترقوة» (٣) بالواو ، فقدّرت ضمّة القاف على الواو ؛ لأنّ الحركة في التقدير بعد الحرف ، فهمزت الواو ، كما تهمز إذا انضمّت ، ونظير ذلك قوله :
أحبّ المؤقدين إليّ موسى |
|
وجعدة ، إذ أضاءهما الوقود (٤) |
فهمز واو «موقد» ؛ لأنه قدّر ضمّة الميم على الواو.
وأما «مؤق» فظاهره أنه «فعل» ، إلّا أنّ ذلك بناء غير موجود في أبنية كلامهم ، فإن أمكن صرفه إلى ما وجد من كلامهم كان أولى ، فأمّا أبو الفتح فزعم أنه «فعليّ» في الأصل ، ثم خفّف ، كما قالوا : «تسمع (٥) بالمعدي خير من أن تراه» فخفّفوا ، والأصل «المعيديّ» ، وتكون الياءان للنسب على حدّهما في «كرسيّ». ويكون هذا مما رفض أصله ؛ لأنه لم يسمع مثقّلا قطّ.
وهذا الذي ذهب إليه أبو الفتح ضعيف ، عندي ؛ لأنّ «كرسيّا» و «بختيّا» (٦) بنيا على ياءي النّسب ، ولم يستعملا دونهما ، فلا يقال «كرس» ولا «بخت» ، فلذلك كسّر الاسم عليهما ، فقالوا «كراسيّ» و «بخاتيّ» ، وأما «مؤق» فإنه يستعمل دون ياء ، وكل ما تلحقه ياءا النسب ، ولا تلزمانه ، ولا يكسّر عليهما ؛ ألا تراهما يقولون «أخمريّ» و «حمر» و «فارسيّ» و «فرس» ، فلو كان «مؤق» على ما زعم أبو الفتح لم يقل في تكسيره «مآق» ، بل «أمآق» ، كـ «قفل» و «أقفال» ، فإذا بطل هذا فينبغي أن يكون وزنه «مفعلا» ، فيلحق بفصل ما لحقته زيادة واحدة من أوّله من الثلاثيّ ، وقد تقدّم ذكره هنالك.
__________________
(١) العنصوة : القطعة من الإبل ، لسان العرب ، مادة (عنص).
(٢) الجنذوة : الشعبة من الجبل ، وتكون بالخاء والحاء ، لسان العرب ، مادة (خنذ).
(٣) الترقوة : مقدم الحلق حيث يترقى النفس ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (ترق).
(٤) البيت من البحر الوافر ، وهو لجرير في ديوانه ص ٢٨٨ ، والخصائص لابن جني ٢ / ١٧٥ ، وشرح شواهد الشافية لابن الحاجب ص ٤٢٩ ، والمحتسب ١ / ٤٧ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٦٢.
(٥) من أمثال العرب.
(٦) البختي : واحد البخاتي ، وهي الإبل الخراسانية ، لسان العرب ، مادة (بخت).