يقول : لبيك لبيك يا رسول الله ، فنادى النبي بأعلى صوته : ادن مني يا علي ، فما زال علي يتخطى اعناق المهاجرين والانصار حتى دنا المرتضى من (١) المصطفى ، فقال له النبي : ما الذي خلفك عن الصف الاول؟ قال : شككت اني على غير طهر فاتيت منزل فاطمة فناديت يا حسن يا حسين يا فضة ، فلم يجبنى أحد ، فإذا بهاتف يهتف بي من ورائي وهو ينادي : يا أبا الحسن يابن عم النبي التفت ، فالتفت فإذا انا بسطل من ذهب (٢) وفيه ماء وعليه منديل ، فاخذت المنديل ووضعته على منكبي الأيمن وأومات إلى الماء فإذا الماء يفيض على كفي ، فتطهرت فاسبغت الطهر ولقد وجدته في لين الزبد وطعم الشهد ورائحة المسك ، ثم التفت ولا ادري من وضع السطل والمنديل ولا أدري من اخذه ، فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوآله في وجهه وضمه إلى صدره فقبل ما بين عينيه ثم قال : يا أبا الحسن ألا ابشرك ان السطل من الجنة والماء والمنديل من الفردوس الاعلى ، والذي هيأك للصلاة جبرئيل ،
__________________
(١) في المخطوطتين : إلى.
(٢) لا يقال : التوضؤ بالأواني المنصوعة من الذهب والفضة غير جائز لأن الاواني المتعلقة بالجنة تختلف عن الاواني الدنيوية ولا تجرى عليها احكام هذه الظروف ، ونظيرها الخمر والحرير والحلي من الذهب والفضة التي في الجنة ، فالقرآن ناطق بتمتع المؤمنين بهذه النعم في الجنة كما جاء في آيه [ ١٥ ] من سورة « محمد » ، آية [ ٣٣ ] من سورة « فاطر » وآيات [ ١٢ ، ١٥ ، ١٦ ، ٢١ ] من سورة « الانسان » وآية [ ٣١ ] من سورة « الكهف » وآية [ ٢٣ ] من سورة « الحج » وآيات : [ ٥٣ و ٧١ ] من سورة « الزخرف » فالخمر والحرير والذهب الموجودة في الجنة كلها حلال ، طيب ، طاهر ، فخمر الجنة مثلاً لا علاقة لها بالخمر المادية القذرة كما بين القرآن الكريم ان هذه الخمرة لا توجب السكر قال تعالى : « لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون » الصافات : ٤٧ فتلك الخمر لا توجب فساد العقل وذهابه ولا السكر ، بل ليس فيها الا التيقظ والنشاط واللذة العقلية ، فبينهما اختلاف ذاتي ، ولا تشابه بينهما الا في الاسم ، فان في الجنة « ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر » وكل هذه العبارات اشارات واستعارات لبيان ان ما يوجد هناك يختلف عن ما الفه البشر في هذه الحياة وقد توجد مثل هذه العبارات في بيان الغناء في الجنة ، وأين ما هناك مما هنا؟! رزقنا الله واياكم من نعيم الجنة.