قال : فاعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئا الا الماء القراح ، فلما كان في (١) اليوم الثالث قامت فاطمة عليهاالسلام إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته ، وصلى علي عليهالسلام مع النبي صلىاللهعليهوآله ثم اتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم اسير ، فوقف بالباب فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ، تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا ، اطعموني فاني اسير محمد اطعمكم الله على موائد الجنة ، فسمعه علي عليهالسلام فانشأ يقول :
فاطم يا بنت النبي أحمد |
|
بنت نبي سيد مسود |
هذا اسير للنبي المهتد |
|
مكبلاً في غله مقيد |
يشكوا الينا الجوع قد تمرد |
|
من يطعم اليوم يجده في غد |
عند العلي الواحد الموحد |
|
ما يزرع الزارع سوف يحصد |
فاطعمي من غير من أنكد |
|
حواست جمع كن |
قال فانشأت فاطمة عليهاالسلام تقول :
لم يبق مما جئت غير صاع |
|
قد دميت كفي مع الذراع |
ابناي والله من الجياع |
|
ابوهما للخير ذو اصطناع |
يصطنع المعروف بابتداع |
|
عبل الذراعين طويل الباع (٢) |
وما على رأسي من قناع |
|
إلا قناع نسجه من صاع (٣) |
قال فاعطوه ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح ، فلما كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم ، اخذ علي عليهالسلام بيده اليمنى الحسن وبيده اليسرى الحسين عليهالسلام واقبل نحو رسول الله صلى الله عليه
__________________
(١) كذا في الاصلين ولكن « في » زائدة.
(٢) عبل الذراعين : طويلهما الباع : قد رمد اليدين ، طويل الباع : كريم مقتدر.
(٣) هذا هو الصحيح وفي المخطوط : « نسجه النساع » ومعناه غير واضح وان امكن حمله على معنى صحيح.