فاصبر على ما أصابك ، ان الله مع الصابرين ، وأخرج الراية وقد عفت وبليت وبكى الناس لما رأوها بكاء عالياً وقبلها من وجد إليها سبيلا وقال علي عليهالسلام لقنبر : اخرج رمح رسول الله صلىاللهعليهوآله الملموس [ بيده ] ويرثه منى الحسن ولا يستعمله وينكسر بيد ابني الحسين ولقد أخبرني رسول الله صلىاللهعليهوآله باخبار كثيرة.
يا مالك ان الدنيا دنية خلقت للفناء والخير خير الآخرة ، فانها خلقت للبقاء ، ثم سار ومعه الناس إلى المعركة وصفوا الصفوف وتأهبوا للقتال ، فأول من برز من صف أهل الشام رجل عليه درع مذهبة وبيضة عادية وبيده سيف حميري وصاح : يا أهل العراق ، تزعمون ان اليوم تجرى الدماء على الأرض كما تجرى [ الماء ] في النهر؟ وقد صدقتم اليوم نسفك دماءكم ، فليبرز الي أشجعكم ، فبرز إليه عمرو بن عدي بن وهب بن خصيب بن يعمر النخعي وقال له : يا شامى أنت أول قتيل يومنا هذا ، ثم تكافحا فسبقه عمرو بالضربة فصرعه ووقف مكانه ونادى : يا أهل الشام ليبرز إلي آخر ، فبرز إليه رجل مشهور بالشجاعة ، مذكور بالحماسة ، كان معاوية يعده لشدته يقال له أبو جندب عبيد بن ذويب السكوني اليماني ، فقتل أبو جندب عمراً فبرز إليه عبد الله بن بشر بن عوز (١) النخعي فقتله أيضاً أبو جندب فبرز إليه الشخير بن يحيى النخعي وكان فقيها صالحاً سخيا جواداً ، فقتله أبو جندب أيضاً فقال الاشتر وقد اغتاظ لأنه قتل جماعة من قومه لبعض بني عمه وهو طرفة بن عبيدة : انزع درعك وناولني رايتك فانى أبرز إليه ولعله يعرفني إذا بزرت إليه في زيي ، فلا يحاربني ، فاعطاه ذلك فبرز إليه الاشتر وأبو جندب ينظر إلى قتلاه ، فصاح عليه الاشتر وقال : قاتلك الله إذ قتلت سادات نخع ، فقال : لان القتل وجب عليهم بخروجهم على الامام عثمان وقتال
__________________
(١) في [ و ] عون.